وليس في مباشرته قبض الثمن نظرا له بل فيه تعريض ماله للهلاك فينهي المشترى عن دفع الثمن إليه لمعنى النظر ويصح ذلك منه لأنه بمنزلة الحكم منه في فصل مجتهد فيه فان دفعه بعد ما نهاه فضاع في يد المحجور عليه لم يبرأ المشترى منه ويجبر على دفع ثمن آخر إلى القاضي لان نهيه لما صح صار حق قبض الثمن للقاضي أو لأمينه فدفعه إلى المحجور عليه بعد ذلك كدفعه إلى أجنبي آخر وكدفع ثمن ما باعه القاضي أو أمينه من ماله إلى المحجور عليه ولا خيار للمشترى في ذلك البيع لأنه ضيع ماله بالدفع إليه بعد ما نهاه القاضي وأساء الأدب بمخالفة القاضي فيما خاطبه به فلا يستحق لسعيه تخفيفا ولا خيارا ولو كان القاضي حين أجاز البيع لم ينهه عن دفع الثمن إليه فدفعه إليه فهو جائز لان في إجازة بيعه إجازة لدفع الثمن فان الإجازة في الانتهاء كالاذن في الابتداء ومطلق الاذن له في البيع يكون تسليطا على قبض الثمن فكذلك مطلق الإجازة في الانتهاء إلا أن يبنى الامر على وجه فيقول قد أجزت البيع ولا أجيز للمشترى أن يدفع الثمن إليه فإذا قال ذلك فهذا بمنزلة الحكم منه وحكم القاضي يقيد بما قيده به ولو أجاز البيع في الابتداء جملة ثم قال بعد ذلك قد نهيت المشترى أن يدفع الثمن إليه كان نهيه باطلا وكان دفع المشترى الثمن إلى المحجور عليه جائزا حتى يبلغه ما قال القاضي في ذلك لأنه سلطه على دفع الثمن بإجازته البيع جملة ثم نهيه إياه عن دفع الثمن إليه خطاب ناسخ أو مغير لحكم الإجازة المطلقة فلا يثبت في حقه حكمه ما لم يعلم به لأنه لا يتمكن من العلم به ما لم يبلغه وفى إلزامه إياه قبل أن يعلم به اضرار فإذا بلغه ثم أعطاه الثمن لم يبرأ منه لان الناسخ قد وصل إليه فليس له أن يعمل بالمنسوخ بعد ما بلغه الناسخ وهذا نظير الناسخ والمنسوخ في خطاب الشرع فإنه كان في الصحابة رضوان الله عليهم من شرب الخمر بعد ما نزل تحريمها ولم يعاتب على ذلك لأنه لم يبلغه الناسخ وفى قوله تعالى ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ومن أعلمه بذلك وكان خبره حقا فهو اعلام لان على قول من يرى الحجر خبر الواحد في المعاملات حجة سواء كان ملتزما أو غير ملتزم كان المخبر رسولا أو لم يكن فاسقا كان أو عدلا بعد أن يكون الخبر حقا (ألا ترى) لو أن مفسدا قال له القاضي بع عبدك هذا بألف درهم ولم ينهه عن قبض الثمن فباعه وقبض الثمن وضاع عنده كان جائزا ولو قال بعه ولا تقبض الثمن لم يجز قبضه وأجبر المشترى على أدائه مرة أخرى ولا خيار له في نقض البيع علم بذلك أو لم يعلم ولو أمره بالبيع ولم ينهه عن قبض الثمن ثم قال بعد ذلك إذا باع
(١٨١)