فلا يقبض الثمن فانى نهيته عن ذلك فله أن يبيع ويقبض الثمن ما لم يبلغه نهى القاضي ومعنى هذا الاستشهاد ما أشرنا إليه ان الإجازة في الانتهاء كالاذن في الابتداء وإذا أدرك اليتيم مفسدا فحجر القاضي عليه أو لم يحجر فسأله وصيه أن يدفع إليه ماله فدفعه إليه فضاع في يده أو أتلفه فالوصي ضامن للمال لان دفع المال إلى من هو مفسد يكون تضييعا له فهو بمنزلة ما لو طرح الوصي ماله في مهلكة وكذلك لو كان الوصي أودعه المال ايداعا لأنه تسليط له على اتلافه حين مكنه منه فيكون ذلك من الوصي بمنزلة الاستهلاك لماله وليس هذا كدفع الوصي مال يتيم مصلح لم يبلغ إليه وديعة أو ليبيع به ويشترى به لا ضمان عليه إذا ضاع منه أو ضيعه لان الصغير المصلح مأمون على نفسه وماله (ألا ترى) أن للوصي أن يأذن له في التجارة فلا يكون دفع المال إلى مثله تضييعا له وأما الكبير المفسد فدفع ماله إليه ما دام هو على فساده يكون تضييعا له ولهذا لو أذن له في التجارة وهو عالم بأنه فاسد ولم يؤنس منه رشدا لم يجز اذنه وهذا لأنه مأمور بالنظر في حق كل واحد منهما والنظر في حق الصبي المصلح اختباره بالاذن له في التجارة كما قال الله تعالى وابتلوا اليتامى والنظر في حق الكبير المفسد منعه من التصرف ومنع المال منه فيكون دفع المال إليه والاذن له في التجارة خلاف المأمور به في حقه فلا ينفذ من الوصي (ألا ترى) أن الغلام المصلح لماله لو رفع الامر إلى القاضي وكان ممن يشترى ويبيع ويربح كان الذي ينبغي للقاضي أن يأذن له في التجارة ولو رفع هذا المفسد لم يأذن له في ذلك فلذلك اختلف حال الوصي فيهما ولو أن القاضي أمر هذا المفسد أن يبيع شيئا من ماله ويشترى به ففعل ذلك جاز وكان هذا اخراجا من القاضي له من الحجر وذلك صحيح من القاضي لأنه حكم منه في موضع الاجتهاد لينفذ منه ولا ينفذ مثله من الوصي لأنه ليس له ولاية الحكم فان وهب أو تصدق هذا المفسد بذلك المال لم يجز لان القاضي إنما دفع الحجر عنه في التجارة خاصة وحكم القاضي يتقيد تنفيذه فبقي الحجر عليه فيما ليس بتجارة على ما كان قبل هذا الاذن حتى إذا أعتق الغلام سعى الغلام في قيمته وان اشترى وباع بما لا يتغابن الناس فيه لم يجز لان المحاباة ممن لا يملك التبرع بمنزلة الهبة وان أذن له في بيع عبد بعينه أو في شراء عبد بعينه لم يجز له أن يشتري ولا أن يبيع الا الذي أذن له فيه خاصة لأنه بهذا الاذن ينيبه مناب نفسه ولا يرفع الحجر عنه في شئ فإنه لم يفوض إليه شيئا من التصرف إلى رأيه ولكن رأى فيه رأيه ثم أمره أن ينوب عنه في
(١٨٢)