صلى الله عليه وسلم أن يحجر عليه فقال إني لا أصبر عن البيع فقال عليه الصلاة والسلام إذا بايعت فقل لا خلابة ولى الخيار ثلاثة أيام فلو لم يكن الحجر بسبب التبذير في المال مشروعا عرفا لما سأل أهله ذلك ولما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وان عبد الله بن جعفر رضي الله عنه كان يفنى ماله في اتخاذ الضيافات حتى اشترى دار للضيافة بمائة ألف فبلغ ذلك علي ابن أبي طالب رضي الله عنه فقال لآتين عثمان ولأسألنه أن يحجر عليه فاهتم بذلك عبد الله رضي الله عنه وجاء إلى الزبير رضي الله عنه وأخبره بذلك فقال أشركني فيها فأشركه ثم جاء علي إلى عثمان رضي الله عنه وسأله أن يحجر عليه فقال كيف أحجر على رجل شريكه الزبير وإنما قال ذلك لان الزبير رضي الله عنه كان معروفا بالكياسة في التجارة فاستدل برغبته في الشركة على أنه لا غبن في تصرفه فهذا اتفاق منهم على جواز الحجر بسبب التبذير فان عليا رضي الله عنه سأل وعثمان رضي الله عنه اشتغل ببيان العذر واهتم لذلك عبد الله رضي الله عنه واحتال الزبير لدفع الحجر عنه بالشركة فيكون اتفاقا منهم على جواز الحجر بهذا السبب وان عائشة رضي الله عنه ا كانت تتصدق بمالها حتى روى أنها كان لها رباع فهمت ببيع رباعها لتتصدق بالثمن فبلغ ذلك عبد الله بن الزبير فقال لتنتهين عائشة عن بيع رباعها أو لأحجرن عليها والمعنى فيه أنه مبذر في ماله فيكون محجورا عليه كالصبي بل أولى لان الصبي إنما يكون محجورا عليه لتوهم التبذير منه وقد تحقق التبذير والاسراف هنا فلان يكون محجورا عليه أولى وتحقيقه وهو أن للصبي ثلاثة أحوال حال عدم العقل وحال نقصان العقل بعد ما صار مميزا وحال السفه والتبذير بعد ما كمل عقله بان قارب أو أن بلوغه ثم عدم العقل ونقصانه بعد البلوغ يساوى عدم العقل ونقصانه قبل البلوغ في استحقاق الحجر به فكذلك السفه والبلوغ يساوى السفه قبل البلوغ بعد كمال العقل في استحقاق الحجر به وكان هذا الحجر بطريق النظر له لان التبذير وإن كان مذموما فهو مستحق النظر باعتبار أصل دينه (ألا ترى) ان العفو عن صاحب الكبيرة حسن في الدنيا والآخرة وذلك يكون نظرا له والدليل عليه أن في حق منع المال يجعل السفه بعد البلوغ كالسفه قبل البلوغ بالقياس على عدم العقل ونقصان العقل وكان منع المال بطريق النظر له فكذلك الحجر عليه عن التصرف لان منع المال غير مقصود لعينه بل لابقاء ملكه ولا يحصل هذا المقصود ما لم يقطع لسانه عن ماله تصرفا فإذا كان هو مطلق التصرف لا يفيد منع المال شيئا وإنما يكون فيه زيادة مؤنة وتكلف على الولي في حفظ ماله
(١٥٨)