إنما يكون شرعا والله تعالى أعلم بحقيقة باطنه وحكم التصرف بينه وبين العباد لا طريق لهم إلى معرفة ما في باطنه حقيقة فلما أقيم هناك السبب الظاهر مقام المعنى الخفي فهنا أولى والدليل عليه جواز اقراره على نفسه بالأسباب الموجبة للعقوبة وإقامة ذلك عليه وتلك العقوبات تندرئ بالشبهات فلو بقي السفه معتبرا بعد البلوغ عن عقل لكان الأولى أن يعتبر ذلك فيما يندرئ بالشبهات ولو جاز الحجر عليه بطريق النظر له لكان الأولى أن يحجر عليه عن الاقرار بالأسباب الموجبة للعقوبة لان الضرر في هذا أكثر فان الضرر هنا يلحقه في نفسه والمال تابع للنفس فإذا لم ينظر في دفع الضرر عن نفسه فعن ماله أولى وما قالا من أن النظر له باعتبار أصل دينه يضعف بهذا الفصل ثم هذا النوع من النظر جائز لا واجب كما في العفو عن صاحب الكبيرة ومن أصلهم أن الحجر عليه يجب وإنما يجوز النظر له بطريق لا يؤدى إلى الحاق الضرر به وهو أعظم من ذلك النظر وفى اهدار قوله في التصرفات الحاق له بالبهائم والمجانين فيكون الضرر في هذا أعظم من النظر الذي يكون له في الحجر من التصرفات لان الآدمي إنما باين سائر الحيوانات باعتبار قوله في التصرفات فاما منع المال منه فعلى طريق بعض مشايخنا رحمه الله هو ثابت بطريق العقوبة عليه ليكون زجرا له عن التبذير والعقوبات مشروعة بالأسباب الحسية فاما اهدار القول في التصرفات فمعنى حكمي والعقوبات بهذا الطريق غير مشروعة كالحدود ولا يدخل عليه اسقاط شهادة القاذف فإنه متمم لحده عندنا ويكون تابعا لما هو حسي وهو إقامة الجلد لا مقصودا بنفسه ولئن ثبت جواز ذلك ولكن لا يمكن اثبات العقوبة بالقياس بل بالنص وقد ورد النص بمنع المال إلى أن يؤنس منه الرشد ولا نص في الحجر عليه عن التصرف بطريق العقوبة فلا ثبته بالقياس وهو نظير ما قال أصحابنا رحمهم الله ان البكر إذا كانت مخوفا عليها فللولي أن يضمها إلى نفسه وكذلك الغلام البالغ إذا كان مخوفا عليه فللولي أن يضمه إلى نفسه وبان ثبت له حق الحيلولة بينه وبين نفسه في التفرد بالسكنى لمعنى الزجر لا يستدل به على أنه يسقط اعتبار قوله في التصرف في نفسه نكاحا أو منع المال منه باعتبار بقاء أثر الصبي لان العادة أن أثر الصبي يبقى زمانا في أوائل البلوغ ولهذا لو بلغ رشيدا ثم صار سفيها لا يمنع المال منه وبان جعل أثر الصبي كنفس الصبا في منع المال منه فذلك لا يدل على أن يجعل كذلك في الحجر عليه كما أن العدة تعمل عمل النكاح في المنع من النكاح دون ايفاء الحل بعد البينونة وهذا لان نعمة اليد على المال نعمة
(١٦٠)