والإشارة فبالاكراه بالحبس أولى ولو كانا حلالين في الحرم وقد توعده بقتل كانت الكفارة على المكره لان جزاء الصيد في حكم ضمان المال ولهذا لا يتأدى الصوم فلا تجب بالدلالة ولا تتعدد بتعدد الفاعلين وهذا لان وجوبها باعتبار حرمة المحل فيكون بمنزلة ضمان المال وذلك على المكره دون المكره عند التهديد بالقتل وان توعده بالحبس كانت الكفارة على القاتل خاصة بمنزلة ضمان المال وبمنزلة الكفارة في قتل الآدمي خطا ولو أن رجلا وجب عليه أمر بمعروف أو نهى عن منكر فخاف أن فعل أن يقتل وسعه أن لا يفعل وان فعل فقتل كان مأجورا لان الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض مطلقا قال الله تعالى وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك الآية والترك عند خوف الهلاك رخصة قال الله تعالى إلا أن تتقوا منهم تقاة فان ترخص بالرخصة كان في سعة وان تمسك بالعزيمة كان مأجورا وذكر في السير الكبير أن المسلم إذا أراد أن يحمل على جمع من المشركين وهو يعلم أنه لا ينكى فيهم وانه يقتل لم يسعه ذلك لأنه يكون ملقيا نفسه في التهلكة من غير فائدة ولو أراد أن يمنع قوما من فسقة المسلمين عن منكر اجتمعوا عليه وهو يعلم أنهم لا يمتنعون بسببه وانهم يقتلونه فإنه يسعه الاقدام على ذلك لان هؤلاء يعتقدون الاسلام فزجره إياهم يؤثر فيهم اعتقادا لا محالة وأولئك غير معتقدين فالشرط أن ينكى فعله فيهم حسا فإذا علم أنه لا يتمكن من ذلك لا يسعه الاقدام ولو أكره بالقتل على أن يزنى لم يسعه أن يفعل فان فعل وكان محرما فسد احرامه وعليه الكفارة دون الذي أكرهه لما بينا أن فعله جناية على احرامه وهو في الجناية على احرامه لا يصلح أن يكون آلة لغيره ولو أكرهت امرأة محرمة بالقتل على الزنا وسعها أن تمكن من نفسها وقد بينا الفرق بين جانبها وجانب الرجل في حكم الاثم فأما فساد الاحرام فلا فرق حتى يفسد احرامها ويجب عليها الكفارة دون المكره لان تمكنها من نفسها جناية على احرامها وهي لا تصلح في ذلك آلة للمكره وإن لم تفعل حتى تقتل فهي في سعة من ذلك لان حرمة الزنا والجماع في حالة الاحرام حرمة مطلقة فهي في الامتناع تتمسك بالعزيمة وفى كل موضع من هذه المواضع أوجبنا الكفارة على المكره لا يرجع به على المكره لأنه ألزمه كفارة يفي بها ولو رجع بها عليه يقضى بها عليه ولا يجوز أن يرجع عليه بأكثر مما التزمه وكل أمر أحله الله تعالى مثل ما أحل في الضرورة من الميتة وغيرها والفطر في المرض والسفر فلم يفعل حتى مات أو قتل فهو آثم وكل أمر حرمه الله تعالى ولم
(١٥٤)