بطريق التشبيه لان حالهما دون حال الصبي فالصبي عديم العقل إلى الإصابة عادة والمجون عديم العقل إلى الإصابة عادة ولهذا جاز اعتاق الصبي في الرقاب الواجبة دون المجنون فأما إذا بلغ عاقلا فلا حجر عليه بعد ذلك على ما قال أبو حنيفة رحمه الله الحجر على الحر باطل ومراده إذا بلغ عاقلا وحكى عنه أنه كان يقول لا يجوز الحجر الا على ثلاثة على المفتى الماجن وعلى المتطبب الجاهل وعلى المكارى المفلس لما فيه من الضرر الفاحش إذا لم يحجر عليهم فالمفتي الماجن يفسد على الناس دينهم والمتطبب الجاهل يفسد أبدانهم والمكاري المفلس يتلف أموالهم فيمتنعون من ذلك دفعا للضرر فان الحجر في اللغة هو المنع والاختلاف بين العلماء رحمهم الله ورأي هذا في فصلين أحدهما الحجر على السفيه المبذر والآخر الحجر على المديون بسبب الدين والسفه هو العمل بخلاف موجب الشرع وهو اتباع الهوى وترك ما يدل عليه العقل والحجي وأصل المسامحة في التصرفات والبر والاحسان مندوب إليه شرعا ولكن بطريق السفه والتبذير مذموم شرعا وعرفا ولهذا لا تنعدم الأهلية بسبب السفه ولا يجعل السفه عذرا في اسقاط الخطاب عنه بشئ من الشرائع ولا في اهدار عبارته فيما يقر به على نفسه من الأسباب الموجبة للعقوبة وقال أبو حنيفة رحمه الله لا يجوز الحجر عليه عن التصرفات بسبب السفه أيضا وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله يجوز الحجر عليه بهذا السبب عن التصرفات المحتملة للفسخ إلا أن أبا يوسف ومحمدا رحمهما الله قالا إن الحجر عليه على سبيل النظر له وقال الشافعي على سبيل الزجر والعقوبة له ويتبين هذا الخلاف بينهم فيما إذا كان مفسدا في دينه مصلحا في ماله كالفاسق فعند الشافعي رحمه الله يحجر عليه بهذا النوع من الفساد بطريق الزجر والعقوبة ولهذا لم يجعل الفاسق أهلا للولاية وعندهما لا يحجر عليه فالفاسق عند أصحابنا جميعا رحمهم الله أهل للولاية على نفسه على العموم وعلى غيره إذا وجد شرط تعدى ولايته لغيره أما من جوز الحجر على السفيه فقد احتج بقوله تعالى فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل وهو تنصيص على أن اثبات الولاية على السفيه وانه مولى عليه ولا يكون ذلك الا بعد الحجر عليه وقال الله تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم إلى أن قال واكسوهم وهذا أيضا تنصيص على اثبات الحجر عليه بطريق النظر له فان الولي الذي يباشر التصرف في ماله على وجه النظر منه له وروى أن حبان بن منقذ الأنصاري رضي الله عنه كان يغبن في البياعات لآمة أصابت رأسه فسأل أهله رسول الله
(١٥٧)