المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١٧٦
حصته من المال ولو دفع إليه جميع المال لم يبرأ من نصيب سائر الورثة ولو كان على الميت دين يحيط بماله ولم يوص إلى أحد فدفعه الوكيل إلى غرمائه أو إلى الورثة لا يبرأ لان المقصود لا يحصل بالدفع إليهم فان الغرماء لا يتمكنون من الخصومة معه والورثة كالأجانب إذا كانت التركة مستغرقة بالدين ولو كان في ماله فضل على الدين وقد أوصى الميت بالثلث فدفع الكفيل المكفول به إلى الغرماء أو إلى الموصى له لم يبرأ إلا أن يدفعه إلى الوصي لأنه هو القائم مقام الميت للمطالبة بحقوقه حتى يوصل إلى كل مستحق حقه فأما الموصى له والورثة فحقهم مؤخر عن حق الغرماء والخلافة لكل واحد منهم بقدر حقه فلهذا لا يبرأ الا بدفعه إلى الوصي ولم يذكر في الكتاب ما إذا دفعه إلى الثلاثة جميعا قيل يبرأ بالدفع إليهم لان الحق لهم لا يعدوهم والأصح انه لا يبرأ لان الغرماء لا يتمكنون من الخصومة معه فلا يعتبر دفعه إليهم ولا حق للورثة والموصى له ما لم يصل إلى الغرماء حقهم فإذا أدى الورثة الدين والوصية جاز الدفع إلى الورثة وبرئ الكفيل من كفالته لان المانع من صحة الدفع إليهم قيام حق الموصى له والغريم وقد زال ذلك بوصول حقهم إليهم فبقي الحق للورثة فلهذا جاز دفعه إليهم وإذا كفل رجل لرجلين بنفس رجل ثم دفعه إلى أحدهما برئ من كفالة هذا وكان للآخر ان يأخذه لأنه التزم تسليمه إليهما وواحد منهما ليس بنائب عن الآخر في استيفاء حقه فلا يبرأ عن حقه بالتسليم إلى الآخر ولكن في حق من سلم إليه المقصود لم يحصل بهذا التسليم لأنه يتمكن من خصومته واثبات حقه عليه وكذلك وصيان لميت كفلا رجلا بنفسه للميت عليه دين فدفعه الكفيل إلى أحد الوصيين برئ منه وكان للآخر ان يأخذه به سواء كانت الكفالة في صفقة واحدة أو في صفقتين لان كل واحد منهما ينفرد بالخصومة فيحصل المقصود بالتسليم إليه فلهذا برئ من حقه والله أعلم (باب الكفالة بالنفس فإن لم يواف به فعليه المال) (قال رحمه الله) وإذا كان لرجل على رجل مال فكفل رجل بنفس المطلوب فإن لم يواف به إلى وقت كذا فعليه ماله عليه وهو كذا فمضي الاجل قبل أن يوافيه به فالمال لازم له عندنا استحسانا وكان ابن أبي ليلى رحمه الله يقول لا يلزمه المال وهو القياس لأنه علق التزام المال بالخطر وتعلق التزام المال بالخطر باطل كالاقرار لأنه إنما يعلق بالاخطار ما يجوز ان يحلف به ولهذا لا يجوز تعليق الكفالة بسائر الشروط فكذلك بخطر عدم الموافاة وللاستحسان
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست