المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ٢
بسم الله الرحمن الرحيم (كتاب الوكالة) (قال) الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله إملاء * اعلم أن الوكالة في اللغة عبارة عن الحفظ ومنه الوكيل في أسماء الله تعالى بمعنى الحفيظ كما قال الله تعالى وحسبنا الله ونعم الوكيل ولهذا قال علماؤنا رحمهم الله فيمن قال لآخر وكلتك بمالي انه يملك بهذا اللفظ الحفظ فقط وقيل معنى الوكالة التفويض والتسليم ومنه التوكل قال الله تعالى وعلى الله توكلنا يعنى فوضنا إليه أمورنا وسلمنا فالتوكيل تفويض التصرف إلى الغير وتسليم المال إليه ليتصرف فيه ثم للناس إلى هذا العقد حاجة ماسة فقد يعجز الانسان عن حفظ ماله عند خروجه للسفر وقد يعجز عن التصرف في ماله لقلة هدايته وكثره اشتغاله أو لكثرة ماله فيحتاج إلى تفويض التصرف إلى الغير بطريق الوكالة. وقد عرف جواز هذا العقد بالكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة وهذا كان توكيلا. وأما السنة فما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه وكل حكيم ابن حزام رضي الله عنه بشراء الأضحية وبه وكل عروة البارقي فلما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أعطاه علامة وقال أئت وكيلي بخيبر ليعطيك ما سألتني بهذه العلامة والدليل عليه الحديث الذي بدأ به محمد رحمه الله الكتاب ورواه أبو يوسف ومحمد رحمهما الله عن سالم عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت طلقني زوجي ثلاثا ثم خرج إلى اليمن فوكل أخاه بنفقتي فخاصمته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجعل لي نفقة ولا سكنى ففي هذا جواز التوكيل بالاتفاق وبظاهر الحديث يستدل ابن أبي ليلى رحمه الله فيقول ليس للمبتوتة نفقة ولا سكنى ولكنا نقول إن صح الحديث فله تأويلان أحدهما انها كانت بذيئة اللسان بذية على أحماء زوجها فأخرجوها فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت أم مكتوم رضي الله عنها تسكينا للفتنة فظنت انه لم يجعل لها نفقة ولا
(٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست