المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١٧٤
الكفيل بل أنشأت الكفالة بهذا اللفظ فلم يصح فالقول قول الطالب لان صيغة كلامه اقرار ولأنا لو حملنا كلامه على الاقرار كان صحيحا ولو حملناه على الانشاء لم يصح وكلام العاقل مهما أمكن حمله على وجه صحيح يحمل عليه وكان الظاهر شاهدا للطالب من هذا الوجه وإذا كفل رجل بنفس رجل على أنه إن لم يوثق به غدا فهو كفيل بنفس فلان لرجل آخر وللطالب قبله حق فذلك جائز إن لم يواف بالأول كان عليه الثاني وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله الآخر فاما على قول أبى يوسف الأول وهو قول محمد رحمهما الله فالكفالة بنفس الأول صحيحة وبنفس الثاني باطلة نص على الخلاف بعد هذا في الكفالة بالمال والكفالة بالنفس والكفالة بالمال في هذا سواء وجه قول محمد رحمه الله ان هذه مخاطرة لأنه علق الكفالة بالشرط وتعليقها لا يجوز كما لو قال إن دخلت الدار فانا كفيل لك بنفس فلان وهذا بخلاف ما لو كفل بنفسه على أنه إن لم يواف به فعليه المال الذي له عليه لان القياس هناك أن لا تصح الكفالة الثانية لكونها مخاطرة وكنا استحسنا للتعامل الجاري بين التجار وهذا ليس في معنى ذلك لان ذلك المال كان سببا للكفالة بالنفس فكال بينهما اتصالا من هذا الوجه فاما الكفالة بنفس عمرو فليست بسبب للكفالة بنفس زيد فلا اتصال بين الكفالتين هنا فوجب اعتبار كل واحدة منهما على حدة والثانية منهما متعلقة بالخطر وأبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله قالا تعليق الكفالة بخطر عدم الموافاة صحيح كما لو قال إن لم أوافك به غدا فعلى مالك عليه وهذا لان الكفالتين حصلتا لشخص واحد فكان في تصحيح الثانية تأكيد يوجب الأولى لان موجبها الموافاة فإذا علم أنه إن لم يواف به لزمته الكفالة الثانية جد في طلبه ليوافى به حتى يدفع عن نفسه ضرر التزام الكفالة الثانية ولو قال أنا كفيل لفلان أو لفلان كان جائزا بدفع أيهما شاء الكفيل إلى المكفول له فيبرأ من الكفالة لان جهالة المكفول به لا تمنع صحة الكفالة على ما بينه في قوله ما ثبت لك على فلان فهو على أن شاء الله ثم الكفيل بهذا اللفظ يكون ملتزما تسليم أحدهما إلى الطالب لاقحامه حرف أو بينهما فيكون الخيار في بيان ما التزمه إليه وأيهما سلم فقد وفى بما شرط وإذا قال رجل لرجل لفلان على فلان مال فأكفل له بنفسه فقال قد فعلت ثم بلغ الطالب فقال أجزت فإنه يجوز لأنه عقد جرى بين اثنين ولو كان الملتزم وكيل الطالب كانت الكفالة صحيحة فإذا كان فضوليا توقفت على اجازته فإذا أجاز صار ملتزما وللكفيل أن يخرج من الكفالة قبل قدوم الطالب لأنه يدفع اللزوم عن نفسه عند إجازة
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست