المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١٦٥
من التركة والكفالة بالنفس لا يمكن استيفاؤها من المال فلهذا لا يبقى باعتبار التركة وإذا أقر الطالب انه لا حق له قبل المكفول ثم أراد أخذ الكفيل بتسليم نفسه فله ذلك واقراره بهذا لا يمنع ابتداء الكفالة فلا يمنع بقاءها بطريق الأولى وهذا لأنه ربما يكون وصيا لميت له عليه حق أو وكيلا في خصومة له قبل ذلك الرجل حق فانتفاء حق نفسه عنه لا يمنع استحقاق التسليم له بهذا الطريق فلهذا كان الكفيل مطالبا بتسليم نفسه وإن لم يقر الطالب بذلك ولكن بقي المكفول به فأخذ منه كفيلا آخر لا يبرأ الكفيل الأول لأنه لا منافاة بين الكفالة الثانية والأولى ومقصود الطالب من هذه الزيادة التوثق بحقه فلا يتضمن براءة الكفيل الأول وكذلك ملاقاة الطالب مع المكفول لا يمنع بقاء الكفالة لان ذلك كان موجودا عند ابتداء الكفالة ولم يمنع صحة كفالته فلأن لا يمنع بقاءها أولى وإذا سلم الكفيل المكفول إلى الطالب برئ منه لأنه أوفاه ما التزمه له فإنه ما التزم التسليم الا مرة واحدة وقد أتى به وهو كالمطلوب إذا أوفى الطالب ما عليه من الدين ويستوى ان قبله الطالب أو لم يقبله لان الكفيل يبرأ بإيفاء عين ما التزم فلا يتوقف ذلك على قبول صاحب الحق كالمديون إذا جاء بالدين فوضعه بين يدي الطالب وتضرر من عليه فإنه يمتنع من ذلك ابقاء لحق نفسه والضرر مدفوع بحسب الامكان وإذا كفل بنفس رجل على أن يوافي به في المسجد الأعظم فدفعه إليه بالكناسة أو في السوق أو في غير ذلك الموضع من المصر برئ لان التقييد إنما يعتبر إذا كان مفيدا فاما إذا لم يكن مفيدا فلا وتقييد التسليم بالمصر مفيد لأنه إذا سلمه خارج المصر ربما يهرب منه أو لا يتمكن من احضاره بل يمتنع منه أما في المصر فالتقييد بموضع منه غير مفيد لأنه يتمكن من احضاره مجلس الحكم في أي موضع من المصر سلمه إليه اما بقوة نفسه واما بمعاونة الناس إياه فلهذا لا يعتبر تقييده بالمسجد الأعظم والمتأخرون من مشايخنا رحمهم الله يقولون هذا الجوب بناء على عادتهم في ذلك الوقت فاما في زماننا إذا شرط التسليم في مجلس القاضي فإنه لا يبرأ بالتسليم إليه في غير ذلك الموضع لان في زماننا أكثر الناس يعينون المطلوب على الامتناع من الحضور لغلبة أهل الفسق والفساد فتقييد التسليم بمجلس القاضي مفيد وفيه طريقة أخرى ان نواحي المصر كلها كمكان واحد (ألا ترى) ان في عقد السلم إذا شرط التسليم في مصر كذا جاز وإن لم يبين في أي موضع من المصر يسلمه إليه فإذا جعل الكل كمكان واحد قلنا في أي موضع من المصر سلمه إليه فقد أتى بها التزمه فيبرأ وإذا كفل بنفس رجل وهو غائب أو محبوس جاز
(١٦٥)
مفاتيح البحث: الوقوف (1)، المنع (6)، السجود (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست