المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ٣٠
(باب وكالة وصى اليتيم) (قال رحمه الله) ويجوز لوصي اليتيم أن يوكل في كل ما يجوز له أن يعلمه بنفسه من أمور اليتيم وقد بينا الفرق بين الوصي والوكيل مع أنه لا فرق في الحقيقة لان الوصي مفوض إليه الامر على العموم ولو فوض إلى الوكيل بهذه الصيغة بان قال ما صنعت من شئ فهو جائز كان له أن يوكل غيره فكذلك الوصي فان بلغ اليتيم قبل أن يصنع الوكيل ذلك لم يجز له أن يفعله لان حق التصرف للوكيل باعتبار حق التصرف للوصي وببلوغ اليتيم عن عقل انعزل الوصي حتى لا يملك التصرف فكذلك وكيله ولان استدامة الوكالة بعد بلوغ اليتيم كانشائها ولو وكله الوصي بعد بلوغ اليتيم لم يجز فكذلك لا تبقى وكالته وإذا وكل اليتيم بشئ من أموره وكيلا لم يجز الا بإجازة وصيه كما لو باشر ذلك التصرف بنفسه لا يجوز الا بإجازة وصيه فإن كان لليتيم وصيان فوكل كل واحد منهما رجلا على حدة بشئ مما ذكرنا قام وكيل كل واحد منهما مقامه وجاز له ما يجوز له لان بالتوكيل أقامه مقام نفسه وهو في حق نفسه مستبد بالتصرف فيقوم كل واحد من الوكيلين مقام موكله ثم إن الخلاف معروف في أن أحد الوصيين لا ينفرد بالتصرف عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله الا في أشياء معدودة خلافا لأبي يوسف رحمه الله فكذلك وكيل كل واحد منهما قال وإذا كان الصبي في حجر ذي رحم محرم يعوله وليس بوصي له لم يجز عليه بيع ولا شراء ولا خصومة ولا غير ذلك لان نفوذ هذه التصرفات يعتمد الولاية ولا ولاية له على اليتيم فلا ينفد تصرفه فيما سوى اجارته وقبض الصدقة والهبة له استحسانا اما إجارة نفسه ففي القياس لا يجوز لأنها تعقد على منافع نفسه ويلزمه بحكم ذلك العقد تسلم نفسه ولا ولاية له عليه في ذلك ولكنه استحسن فقال المقصود من هذه الإجارة أن يتعلم الصبي ما يكتسب به إذا احتاج إليه وهو منفعة محضة له لو أراد من يعوله أن يعلمه ذلك بنفسه ويستخدمه في ذلك ليتعلم جاز ذلك فكذلك له أن يسلمه إلى غيره ليعلمه ذلك من غير عوض يحصل له فإذا أجره لذلك لحصل له عوض بإزاء منافعه فكان إلى الجواز أقرب والزام التسليم بحكم هذا العقد فيه منفعة لليتيم لأنه يبقى محفوظا بيد من يحفظه وهو محتاج إلى الحافظ فاذن قبض الهبة والصدقة لا يستدعى الولاية (ألا ترى) ان القبض للصبي وله أن يقبض بنفسه إذا كان يعقل ذلك هو لأنه محض منفعة لا يشوبها
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست