المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١١٧
لأنه في الدين الواجب بعقده بمنزلة الحر فكما أن اقرار الحر ببيان مقدار الدين صحيح فكذلك اقرار المكاتب به بعد عجزه عن أداء الكتابة أو قبله واقرار وكيله إنما يصح بما فوضه الموكل إليه وهو القبض والله أعلم بالصواب (باب الوكالة في النكاح) (قال رحمه الله) رجل وكل رجلا بان يزوجه امرأة بعينها فزوجها إياه بأكثر من مهر مثلها جاز في قول أبي حنيفة رحمه الله بناء على أصله أن المطلق يجرى على اطلاقه حتى يقوم دليل التقييد وعندهما لا يلزمه النكاح إذا زاد أكثر مما يتغابن الناس فيه لان التقييد عندهما يثبت بدليل العرف وفرق أبو حنيفة رحمه الله بين هذا وبين الوكيل بالشراء فان هناك إذا زاد يصير مشتريا لنفسه لأنه لم يضف أصل العقد إلى الموكل وإنما أضافه إلى نفسه فتتمكن التهمة في تصرفه من حيث إنه قصد الشراء لنفسه ولما علم بغلاء الثمن حوله إلى الآمر وفى النكاح يضيف العقد إلى الموكل فلا تتمكن فيه التهمة ولو أضاف العقد إلى نفسه بأن تزوجها كانت امرأته دون الموكل بخلاف الشراء فان هناك يجوز أن يثبت حكم العقد لغير من يضاف إليه العقد ولا يجوز مثله في النكاح بل يثبت الملك لمن يضاف إليه العقد (ألا ترى) أن ملك اليمين يثبت للمولى بسبب مضاف إلى عبده ولا يثبت ملك النكاح بمثله قال ولو وكله أن يزوجه امرأة ولم يسمها فزوجها إياه وليست بكفؤ له فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله هو جائز لاطلاق التوكيل وعندهما في القياس يجوز أيضا لان التقييد بدليل العرف والعرف مشترك هنا فقد يتزوج الرجل من ليست بكفؤ له لان الكفاءة غير مطلوبة من جانب النساء فان نسب الأولاد إلى الآباء فيبقى مطلق التوكيل عند تعارض دليل العرف ولكنهما استحسنا فقالا لا يجوز لان المرء مندوب شرعا أن يتزوج من يكافئه دون من لا يكافئه قال صلى الله عليه وسلم تخيروا لنطفكم الأكفاء والغالب أن مراده بهذا التوكيل نكاح من يكافئه لأنه غير عاجز بنفسه عن التزوج إذا كان يرضى بمن لا يكافئه قال أرأيت لو كان الموكل من قريش فزوجه الوكيل أمة أو نصرانية أو حبشية أو كتابية أنجيزه عليه أم لا قال وبهذا الاستشهاد أشار إلى الخليفة قال ولو وكله أن يزوجه امرأة بعينها فزوجها إياها على عبد للزوج فإنه لا يجوز أن يمهرها العبد إلا أن يسلمه الزوج لأنه ما سلطه على إزالة الملك عن عين العبد إذ
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست