المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١٠١
لان التوكيل قبل الجناية وهو لا يصير مختار بفعل منه سبق جناية العبد ولم يوجد بعد الجناية من المولى فعل يصير به مختارا ولكنه صار مستهلكا للعبد فعليه قيمته كما لو دبره قبل جنايته وأشار في موضع من الزيادات إلى أن استمرار الوكالة بعد العلم بالجناية بمنزلة انشاء التوكيل لكونه متمكنا من العزل فيصير به مختارا للفداء وقد بينا هذا فيما أمليناه من شرح الزيادات ولو قال بع عبدي هذا أو كاتبه أو أعتقه على مال فأي ذلك فعل الوكيل جاز لأنه خيره بين التصرفات الثلاثة وان قال كاتب عبدي هذا أو هذا فله ان يكاتب أيهما شاء لان المولى خيره بينهما بحرف أو فان كاتب كل واحد منهما على حدة جازت مكاتبة الأول لأنه وكيل بكتابة أحدهما فإذا كاتب الأول انتهت وكالته وليس له أن يكاتب الآخر بعد ذلك وان كاتبهما معا فكتابتهما باطلة إذا جعل النجوم واحدة لان هذا بمنزلة عقد واحد (ألا ترى) انه لا يقبل أحدهما دون لآخر وهو غير مأمور بمكاتبتهما جميعا فإذا تعذر تنفيذ العقد فيهما ولا وجه لتصحيح واحد منهما لأنهما في حكم هذا العقد كشخص واحد تعينت جهة البطلان في هذا العقد وإن لم يجعل النجوم واحدة فالخيار إلى المولى يختار أيهما شاء بحصته من ذلك ويحبس الاخر لان تصحيح العقد في أحدهما ممكن فان العقد متفرق فهو في كتابة أحدهما ممتثل أمر المولى وفسخ العقد في أحدهما ويكون الخيار إلى المولى لان الوكيل معبر عنه فلا يكون إليه من خيار البيان شئ كالطلاق والعتاق وهذا لان الكتابة في حكم الاسقاط دون التمليك لأنه فك الحجر واسقاط حقه من ملك اليد حتى يصير للمكاتب كما أن في الاعتاق اسقاط الحق عن أصل ملكه لأن يكون تمليكا من العبد والجهالة إنما تمنع الصحة في التمليكات لا في الاسقاطات فاما في النكاح لو وكله أن يزوجه أي هاتين فزوجهما منه لم يصح نكاح واحدة منهما لان النكاح من عقود التمليكات فلا يمكن تصحيحه فيهما لأنه مأمور بتزويج إحداهما ولا يمكن تصحيحه في إحداهما بعينها لأنه ليست إحداهما بأولى من الأخرى ولا في إحداهما بغير عينها لان النكاح لا يثبت في المجهول وعن أبي يوسف رحمه الله انه جعل النكاح كالكتابة فقال يجوز في إحداهما بغير عينها والبيان إلى الزوج وهو قوله الأول وقد رجع عنه فأما في البيع إذا باعها جميعا فلا يجوز البيع في واحد منهما لان البيع تمليك لا يثبت في المجهول ولا يمكن تصحيحه فيها لأنه لم يكن مأمورا ببيعها قال ولو وكله ان يكاتب عبده يوم الجمعة فقال الوكيل يوم السبت قد كاتبته أمس بعد الوكالة على كذا وكذبه المولى فالقول قوله في القياس لأنه أقر
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست