المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ٩٠
إلى استرداد وديعة بعقد آخر كما لا يتعدى من عين إلى عين أخرى وكذلك لو قبضها الوكيل أولا ودفعها إلى الموكل ثم استودعها الأول لم يكن للوكيل ان يقبضها منه لان الوكالة قد انتهت باسترداد الوكيل إياها فكان هو في استردادها في المرة الثانية كأجنبي آخر فلرب الوديعة أن يضمن أيهما شاء فان ضمن الوكيل لم يرجع على المستودع لأنه في قبضها ما كان عاملا للمستودع وان ضمن المستودع رجع على الوكيل لأنه مكنها بالضمان وما رضى بقبض الوكيل له وحالهما كحال غاصب الغاصب مع الأول وهذا إذا لم يصدقه على أنه وكيل في المرة الثانية وقد بينا وجوه هذه المسألة فيما سبق ولو وكله بقبض الوديعة وقال اقبضها اليوم ففي القياس ليس له ان يقبضها غدا لان الوكالة تتوقت بالتوقيت فإذا وقتها باليوم انتهت الوكالة بمضي اليوم كما لو جعل أمر امرأته بيدها اليوم لم يكن لها أن تختار نفسها غدا ولكنه استحسن فقال ذكر اليوم ليس لتوقيت الوكالة بل للتعجيل في قبضه بمنزلة قوله اقبضها الساعة ولو قال ذلك كان له أن يقبضها بعد تلك الساعة فكذلك هنا * توضيحه انه لو قال اقبضها كان له ان يقبضها متى شاء فقوله اليوم سكوت عما بعده وذلك لا يكون عزلا عما كان ثابتا له بمطلق الامر بخلاف قوله لامرأته أمرك اليوم بيدك لأنه لو قال أمرك بيدك اليوم كان مقصورا علي المجلس فقوله اليوم لمد حكم الامر إلى آخر اليوم فإذا مضى اليوم خرج الامر من يدها لأنه ليس في الغد أمر ثابت لها ولو قال اقبضها بمحضر من فلان فقبضها وهو غير حاضر جاز لما قلنا إنه لو قال اقبضها كان له أن يقبضها سواء كان فلان حاضرا أو لم يكن فقوله بمحضر من فلان سكوت في غير هذه الحال فيبقى ما كان على ما كان (ألا ترى) انه لو قال اقبضها بشهود كان له ان يقبضها بغير شهود بخلاف ما لو قال لا تقبضها الا بمحضر من فلان فإنه هناك نهاه عن القبض واستثنى قبضا بمحضر من فلان وكل قبض لا يكون بمحضر من فلان فهو مما يتناوله النهى لعمومه دون الاذن قال وإذا قبض رجل وديعة رجل فقال رب الوديعة ما وكلتك وحلف على ذلك وضمن المستودع رجع بالمال على القابض إن كان عنده بعينه لأنه ملكه بأداء الضمان وان قال هلك منى أو دفعته إلى الموكل فهو على التقسيم الذي قلنا إن صدقه المستودع بالوكالة لم يرجع عليه بشئ وان كذبه أو لم يصدقه ولم يكذبه أو صدقه وضمنه كان له أن يضمنه لما قلنا ولو وكل رجلا بقبض دابة استعارها من رجل فقبضها الوكيل وركبها فهو ضامن لها لان المالك إنما رضى بركوب المستعير دون الوكيل والركوب يتفاوت
(٩٠)
مفاتيح البحث: الهلاك (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست