المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١٠٠
إليه المكاتب لم يبرأ لان وكالته قد انتهت بمباشرة العقد فكان هو في قبض البدل كأجنبي آخر فلهذا لا يستفيد المكاتب البراءة بالدفع إليه قال ولو وكله ان يكاتب عبده فكاتبه على شئ لا يتغابن الناس في مثله جاز في قول أبي حنيفة رحمه الله بناء على أصله في اعتبار الاطلاق ما لم يقم الدليل المقيد كما لو وكله ببيعه ولم يجز عندهما لان التقييد عندهما يثبت بدلالة العرف وان كاتبه على غنم أو صنف من الثياب أو الموزون أو من المكيل جاز ذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله ولا يشكل بناء على مذهبه في التوكيل بالبيع وعندهما الاختصاص بالنقد هناك بدليل العرف ولا يوجد ذلك هنا فالاعتاق بغير النقود من الأموال متعارف وكذلك الخلع والكتابة قال ولو وكله ان يكاتب عبدين له فكاتب أحدهما جاز لأنه أتى ببعض ما أمر به ولا ضرر فيه على الموكل فيكون هذا بمنزلة الوكيل ببيع العبدين ببيع أحدهما فإنه يجوز على الآمر فكذلك هنا قال ولو وكله أن يكاتبهما مكاتبة واحدة ويجعل كل واحد منهما كفيلا عن صاحبه فكاتب أحدهما لم يجز لأنه ترك شرطا فيه منفعة للموكل وهو أن يصير كل واحد منهما مطالبا بجميع البدل ولان العقد بهذه الصفة لا يصح الا ان كاتبهما معا فكان الموكل بالتنصيص على هذا الوصف كالشارط عليه أن لا يفرق العقد فإذا فرق كان مخالفا (ألا ترى) انه لو قال بعه من فلان برهن فباعه بغير رهن لم يجز وكذلك لو قال بعه من فلان بكفالة فباعه من غير كفالة لم يجز بخلاف ما لو قال بعه بشهود فباع بغير شهود حيث يجوز لان الرهن والكفالة إنما يشترطان في العقد ويصير مستحقا بالشرط وحرف الباء للوصل فإنما أقر أن يصل شرط الكفالة والرهن بالبيع فإذا لم يفعل كان مخالفا لامره فأما الشهود فلا يتحقق اشتراطهم في البيع فلا يخرج هو بهذا اللفظ من أن يكون مأمورا بمطلق البيع قال ولو وكله ان يكاتب عبده ثم كاتبه المولى فعجز فليس للوكيل ان يكاتبه لان ما قصده الموكل بتصرف الوكيل قد حصل له بمباشرته فتكون مباشرته عزلا للوكيل ثم بعجز المكاتب لا تنفسخ الكتابة من الأصل ولكن ترتفع في الحال لان السبب مقصور على الحال وهو العجز عن تسليم البدل بعد توجه المطالبة به فلهذا لا تعود وكالة الوكيل قال ولو وكله ان يكاتبه أو يبيعه ثم قتل العبد رجلا خطأ ثم فعل الوكيل ذلك وهو يعلم أو لم يعلم جاز ما صنعه الوكيل لان استحاق العبد بجنايته لا يمنع الموكل من التصرف فيه بالبيع والكتابة فلا يوجب عزل الوكيل أيضا وابتداء التوكيل صحيح بعد جناية العبد فلان يبقى أولى ثم على المولى قيمته ولا يصير مختارا للدية وان علم بذلك
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست