المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ٩٩
وانه ليس إليه من قبض المعقود عليه شئ فلا تتوجه المطالبة بتسليم البدل كالوكيل من جانب المولى وجه رواية الجامع أن توكيله بشراء العبد لنفسه بمنزلة توكيله بشراء العبد لغيره فكما أنه هناك يصير المطلوب بتسليم البدل فكذلك هنا بخلاف الوكيل من جانب المولى فان الذي في جانب المولى اعتاق بمال يشترطه والذي في جانب العبد التزام المال فالوكيل في جانب المولى يكون وكيلا بالاعتاق فكان معبرا لا تتعلق به حقوق العقد والوكيل في جانب العبد وكيل بالتزام المال فيكون بمنزلة الوكيل في البيع والشراء فما زاد على هذا من البيان فقد أمليناه في شرح الجامع قال ولو وكله (2) وهذا بناء على أصلين أحدهما أن العتق يتجزأ عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما لا يتجزأ والثاني أن عند أبي حنيفة رحمه الله تسمية النصف غير تسمية الكل والوكيل متى زاد على ما أمر به وأتى بغيره كان مخالفا فهنا الموكل أمره باعتاق النصف وهو قد سمى الكل فصار مخالفا فلهذا لا يعتق منه شئ وعلى قولهما العتق لا يحتمل التجزء فالتوكيل باعتاق النصف واعتاق الكل سواء ويكون هو ممتثلا أمر الموكل في اعتاق الكل فلهذا عتق كله قال ولو وكله أن يعتق العبد كله فأعتق نصفه عتق النصف في قول أبي حنيفة رحمه الله كما لو أعتق الموكل بنفسه نصفه وهذا لان الوكيل أتى ببعض ما أمره به فلم يكن مخالفا فيعتق نصفه وعلى العبد أن يسعى في نصف قيمته وعندهما يعتق كله ولا يسعى في شئ لان العتق عندهما لا يتجزأ قال وإذا وكله أن يعتقه على جعل ولم يسم شيئا فأعتقه على ألف جاز ذلك استحسانا وعليه ألف درهم إن كان مثله يعتق على مثل ذلك وفى القياس لا يصح اعتاقه لان البدل المسمى مجهول جهالة متفاحشة فان اسم الألف يتناول كل معدود مالا كان أو غير مال فلم تصح التسمية وإن لم تصح كان هذا بمنزلة عتق بغير جعل فيكون باطلا من الوكيل ولكنا استحسنا فقلنا الوكيل ممتثل أمره فان الموكل بنفسه لو أعتقه على هذا كان عتقا بعوض وكان صحيحا فكذلك الوكيل إذا فعله وهذا لان مطلق التسمية محمول على المتعارف فيما بين الناس كما أن مطلق تسمية النقد معروف فكذلك مطلق تسمية الألف فإذا كان قيمة العبد ألف درهم أو مثلها فالظاهر أن المراد بذكر الألف هو الألف درهم لان المعتاد هو الاعتاق بمثل القيمة أو أقل فصار الثابت بالعادة كالثابت بالنص قال ولو وكله أن يكاتب عبده فكاتبه لم يكن للوكيل أن يقبض المكاتب لأنه في العقد سفير ومعبر وهو لا يستغنى عن الإضافة إلى الموكل ولا تتوجه عليه المطالبة بتسليم العوض فلا يكون إليه من قبض البدل شئ وان دفعها
(٩٩)
مفاتيح البحث: البيع (1)، الجهل (1)، العتق (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست