المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ٩١
عنه نصف الثمن لتحقيق هذا المعنى وقيل لاتمام الاحسان وان تمام الاحسان أن يحط الشطر لما روى أن الحسن بن علي رضي الله عنه كان له دين على انسان فطالب غريمه فقال أحسن إلى يا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وهبت لك النصف فقيل له النصف كثير فقال وأين ذهب قوله تعالى وأحسنوا ان الله يحب المحسنين سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تمام الاحسان أن يحط الشطر فاما قوله صلى الله عليه وسلم الجار أحق بسقبه فقد روي هذا الحديث بالسين والمراد القرب وبالصاد والمراد الاخذ والانتزاع يعنى لما جعله الشرع أحق بالأخذ بعد البيع فهو أحق بالعرض عليه قبل البيع أيضا وهو دليل لنا على أن الشفعة تستحق بالجوار فإنه ذكر اسما مشتقا من معنى والحكم متى علق باسم مشتق فذلك المعنى هو الموجب للحكم خصوصا إذا كان مؤثرا فيه كما في قوله تعالى الزانية والزاني وقوله تعالى والسارق والسارقة وهذا المعنى مؤثر لان الاخذ بالشفعة لدفع الضرر فان الضرر مدفوع لقوله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار في الاسلام وذلك يتحقق بالمجاورة يعنى الضرر البادئ إلى سوء المجاورة على الدوام من حيث ابعاد النار واعلاء الجدار وإثارة الغبار ومنع ضوء النهار والشافعي يقول المراد بالجار الشريك فقد يطلق اسم الجار على الشريك قال الأعشى أيا جارتي بيني فإنك طالق * كذاك أمور الناس عاد وطارقه والمراد زوجته وهي شريكته في الفراش ولكنا نقول في هذا ترك الحقيقة إلى المجاز من غير دليل ثم الزوجة تسمى جارة لأنها مجاورة في الفراش تتصرف عنه لا لأنها تشاركه وفي الحديث ما يدل على بطلان هذا التأويل وأن سعدا رضي الله عنه عرض بيتا له على جار له وروى الحديث فذلك دليل على أن جميع البيت كان له وانه فهم من الحديث الجاز دون الشريك حين استعمل الحديث فيه * وعن الحسن في الشفعة لليتيم قال وصيه بمنزلة أبيه ان شاء أخذ والغائب على شفعته وفيه دليل ان الشفعة تثبت للصغير وأن وليه يقوم مقامه في الاخذ له لأنه أخذ بطريق التجارة وفيه دفع الضرر عن اليتامى وتوفير المنفعة عليهم ولهذا المقصود أقام الشرع وليه مقامه وفيه دليل ان الشفعة تثبت للغائب لان السبب المثبت لحقه قائم مع غيبته ولا تأثير للغيبة في ابطال حق تقرر سببه فإذا حضر وعلم به كان على شفعته لان الحق بعد ما يثبت لا يسقط الا باسقاطه والرضا بسقوطه صريحا أو دلالة وبترك الطلب عند الجهل به والغيبة لا يتحقق هذا المعنى لانعدام تمكنه عن الطلب وعن أبي سعيد الخدري أن النبي
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست