المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ٦٨
كتصرف الأب والوصي في مال الصغير ولهذا استرده سعد رضي الله عنه لما ظهر أنه باع بغبن فاحش وفيه دليل على أن الامام إذا بلغه عن عامله ما رضى به من عدل أو هيبة فعله فإنه ينبغي له أن يشكر الله تعالى على ذلك فان ذلك نعمة له من الله تعالى وكان عمر رضي الله عنه بهذه الصفة تهابه عما له في آفاق الأرض وذلك لحسن سريرته على ما جاء في الحديث من خاف الله خاف منه كل شئ * وإذا اشترى الرجل طشتا أو اناء لا يدري ما هو ولم يشترط له صاحبه شيئا فهو جائز لأن العقد تناول العين والمشار إليه معلوم العين مقدور التسليم فيجوز بيعه ودل على صحة هذا حديث المسور بن مخرمة * وإذا اشتري اناء فضة فإذا هو غير فضة فلا بيع بينهما لان المشار إليه ليس من جنس المسمى والعقد إنما يتعلق بالمسمى لان انعقاده بالتسمية والمسمى معدوم فلا بيع بينهما ولو كانت فضة سوداء أو حمراء فيها رصاص أو صفر وهو الذي أفسدها فهو بالخيار ان شاء أخذها وان شاء ردها لان المشار إليه ليس من جنس المسمى فان مثله يسمى اناء فضة في الناس إلا أنه معيب لما فيه من الغش فيجوز العقد على المشار إليه بالتسمية ويتخير المشترى للعيب وان كانت رديئة من غير غش فيها لم يكن له أن يردها لان الرداءة ليست بعيب فالعيب ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة وصفة الرداءة بأصل الخلقة ألا ترى ان بالرداءة تنعدم صفة الجودة وبمطلق العقد لا يستحق صفة الجودة وإنما تستحق السلامة * ولو اشترى سيفا محلى على أن فيه مائة درهم بمائة درهم وتقابضا وتفرقا فإذا في السيف مائتا درهم فإنه يرد السيف لفساد العقد بالفضل الخالي عن المقابلة وهو الجفن والحمائل وان اشترى إبريق فضة بألف درهم على أن فيه ألف درهم وتقابضا وتفرقا فإذا فيه ألفا درهم كان الخيار للمشترى ان شاء قبض نصفه بألف درهم لأنه إنما يكون مشتريا مقدار ما سمى منه وقد تبين أن ذلك نصف الإبريق ولا يمكن أن يجعل مشتريا للكل بألف درهم لأنه ربا ولا بألفين لأنه ما التزم الا ألف درهم فجعلناه مشتريا نصفه بالألف وأثبتنا له الخيار لتبعيض الملك عليه فيما يضره التبعيض بخلاف السيف فهناك لا يمكن تصحيح العقد في نصف الحلية مع السيف لأنه لو صرح بذلك لم يجز العقد لان الحلية صفة لا يجوز بيع بعضها دون البعض بخلاف الإبريق ولو كان اشترى الإبريق بمائة دينار كان جائزا له كله بالدنانير لان الربا ينعدم عند اختلاف الجنس والإبريق مما يضره التبعيض فيكون الوزن فيه صفة فإنما يتعلق العقد بعينه إذا أمكن دون الوزن المذكور * وان اشترى
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست