عن الحرام اما لاستحلاله ذلك أو لجهله به أو قصده إلى توكيل المسلم حراما فلهذا أكره له ذلك وإذا وكله أن يصرف له الدراهم فصرفها مع عبد الموكل والوكيل يعلم أو لا يعلم فلا ضمان على الوكيل سواء كان على العبد دين أو لم يكن لأنه مال الموكل صرف بعضه في بعض ولا يكون الوكيل بتصرفه مفوتا على الموكل شيئا وإذا وكله بألف درهم يصرفها له فباعها بدنانير وحط عنه مالا يتغابن في مثله لم يجز على الآمر لأنه في معنى الوكيل بالشراء وكل واحد من المتصارفين في العوض الذي من جهد صاحبه مشتر ولان تصرف الوكيل بالشراء بالمعين إنما لا ينفذ على الموكل للتهمة فإنه من الجائز انه عقد لنفسه فلما علم بالعين أراد أن يلزم ذلك الموكل وهذا المعنى موجود هنا فان الوكيل يملك عقد الصرف لنفسه وان صرفها بسعرها عند مفاوض للوكيل أو شريك له في الصرف أو مضارب له من المضاربة لم يجز لكونه متهما في ذلك كما لو صرفها مع نفسه فان من يحصل بتصرف من عامله يكون مشتركا بينهما وان صرفها عند تفاوض الآمر لم يجز كما لو صرفها الآمر بنفسه وهذا لأنه لا فائدة في هذا العقد فما يقبض ويعطى يكون مشتركا بينهما وان صرفها عند شريك الآمر في الصرف غير مفاوض فهو جائز وكذلك مضاربه لان الآمر لو فعل ذلك بنفسه جاز لكونه مفيدا وهو أنه يدخل به في الشركة والمضاربة ما لم يكن فيه ويخرج به منه ما كان فيه فكذلك الوكيل إذا فعل ذلك وإذا وكله بألف درهم يصرفها له وهما في الكوفة ولم يسم له مكانا ففي أي ناحية من الكوفة صرفها فهو جائز لان نواحي المصر في حكم مكان واحد ومقصوده أن التوكيل لا يتقيد بالسوق لان المقصود سعر الكوفة لا سوق الكوفة وكذلك لو خرج بها إلى الحيرة أو إلى البصرة أو إلى الشام فصرفها هناك جاز ولا ضمان عليه لان الآمر مطلق ولا يتقيد بمكان الا بدليل يفيده به وفيما لاحمل له ولا مؤنة لا يوجد دليل المقيد لان ماليته لا تختلف باختلاف الأمكنة ففي أي مكان صرفها له كان ممتثلا أمره ولو وكله ببيع عبد له أو عرض له حمل ومؤنة فاستأجر وخرج بها من الكوفة إلى مكة فباعها هناك أجزت البيع لان الامر بالبيع مطلق ففي أي موضع باعه فهو ممتثل ولا ألزم الآمر من الآخر شيئا لأنه لم يأمر بالاستئجار فهو متبرع فيما التزم من ذلك وقال في رواية أبى حفص أجزت البيع إذا باعه بمثل ثمنه في الموضع الذي أمره ببيعه فيه وهذا مستقيم على أصل أبى يوسف ومحمد رحمهما الله لان عندهما التوكيل بالبيع مطلقا يتقيد بالبيع بمثل القيمة لو باعه في ذلك الموضع فكذلك في موضع
(٦٤)