المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٨٣
ويدعى شفعته حين علم فلا شفعة له علم أو لم يعلم لأنه أسقط حقه بعد الوجوب وجهله بوجوب حقه لا يمنع صحة تسليمه فجهله بمقدار حقه أولى * رجل أقام البينة أنه اشتري من رجل كل حق هو له في هذه الدار فإن كان المشتري يعلم كم نصيب البائع من الدار جاز البيع علم البائع أو لم يعلم الا في رواية عن أبي حنيفة قال ما لم يعلما جميعا كم نصيب البائع لا يجوز البيع لان البيع مشروع للاسترباح وجهل البائع بمقدار نصيبه ربما يفوت مقصوده من البيع كجهل المشترى وفي ظاهر الرواية قال المشترى يتملك بالشراء فلا بد من أن يعلم بمقدار ما يتملكه لأنه يحتاج إلى القبض فإذا لم يكن معلوما له لا يتمكن من القبض وأما البائع إنما يتملك الثمن ويقبض بحكم العقد الثمن ومقداره معلوم له فلا يضر جهله بمقدار نصيبه ألا ترى ان عدم الرؤية من المشترى يثبت الخيار له ومن البائع لا يثبت الخيار له وإن لم يعلم المشترى كم نصيب البائع وعلم البائع ذلك أو لم يعلم فالبيع فاسد في قول أبي حنيفة جائز في قول أبى يوسف والمشترى بالخيار إذا علم وقول محمد مضطرب فيه ذكره في بعض النسخ مع أبي يوسف وفي البعض مع أبي حنيفة * وجه قوله قول أبى يوسف ان انعقاد البيع يكون المبيع مالا متقوما وهما يعلمان أن نصيب البائع من الدار مال متقوم قل ذلك أو كثر فيجوز البيع يوضحه أن قلة نصيبه وكثرته يؤثر في الشفعة من حيث الشفعة والجهل بأوصاف المبيع لا يمنع صحة البيع ولكن يثبت الخيار للمشترى إذا علم به ويجب للشفيع فيه الشفعة وجه قول أبي حنيفة أن هذه جهالة تفضى إلى تمكن المنازعة بينهما أما في الحال ان احتاج المشترى إلى قبض المبيع أو في ثاني الحال ان تقايلا البيع أو رده بالعيب أو أخذه الشفيع والجهالة في المعقود عليه إذا كانت تفضى إلى المنازعة تمنع صحة العقد كبيع شاة من القطيع وإذا أخذ الشفيع الدار بالشفعة فله أن يردها بخيار الرؤية وبخيار العيب على من أخذها منه وإن كان المشترى قد رآها ويبرأ من عيوبها عند الشراء لان الاخذ بالشفعة بمنزلة الشراء والمشترى لم يكن نائبا عن الشفيع فرؤيته ورضاه بالعيب لا تعتبر في حق الشفيع وإذا بنى الشفيع في الدار ثم استحقت من مدة رجع الشفيع بالثمن على من كانت عهدته عليه ولم يرجع بقيمة البناء بخلاف المشترى إذا بنى ثم استحقت الدار ونقض بناؤه فإنه يرجع بقيمة البناء على البائع لان المشترى مغرور فالبائع أوجب له العقد باختياره وضمن له السلامة من عيب الاستحقاق فإذا ظهر الاستحقاق كان له أن يرجع على البائع بحكم الغرور فاما الشفيع لم يصر مغرورا من جهة أحد لأنه أجبر
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 » »»
الفهرست