المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٢٥
بمنزلة البيع المبتدأ في حق غيرهما لأنه تم بتراضيهما في محلين كل واحد منهما مال متقوم ولا صورة للمعاوضة الا هذا غير أنهما سمياه فسخا ولهما الولاية على أنفسهما فكان فسخا في حقهما ولا ولاية لهما على غيرهما فكان بمنزلة ابتداء المعاوضة في حق غيرهما فيتجدد به حق الشفيع وإن كان ردها بالعيب بقضاء قاض لم يكن للشفيع فيها شفعة لان قضاء القاضي بالرد فسخ وليس بعقد فان للقاضي ولاية فسخ العقد الذي جرى بينهما لا انشاء العقد وكذلك إن لم يكن قبضها المشترى حتى ردها بالعيب بقضاء أو بغير قضاء فلا شفعة فيها لان الرد قبل القبض فسخ من كل وجه ألا ترى أن الراد ينفرد به من غير أن يحتاج إلى رضاء أو قضاء القاضي فهو نظير الرد بخيار الرؤية أو خيار الشرط والحرف الذي تدور عليه هذه المسائل انه متى عاد بالرد إلى قديم ملك البائع لا يتجدد للشفيع الشفعة لان حقه لم يكن ثابتا في قديم ملكه وإذا لم يعد إلى قديم ملكه كان هذا في معنى ملك حدث له بسبب مبتدأ فيتجدد به حق الشفيع والرد بعد القبض بالعيب أو بالإقالة بهذه الصفة حتى لو كان موهوبا لا يرجع فيه الواهب ولو كان مشترى شراء فاسدا لا يسترده البائع بخلاف الرد بخيار الشرط والرؤية قبل القبض أو بعده بقضاء القاضي وإذا كان لرجل على رجل دين يقربه أو يجحده فصالحه من ذلك على دار أو اشترى منه دارا وقبضها فللشفيع فيها الشفعة أما في الشراء فلانه صار مقرا بالدين حين أقدم على الشراء به وفي الصلح المذهب عندنا أن الصلح على الانكار مبنى على زعم المدعى في حقه وفي زعمه أنه ملك الدار بعوض هو مال فللشفيع أن يأخذها بالشفعة بناء على زعم المدعى فان اختلف هو والشفيع في مبلغ ذلك الدين وحبسه فهو بمنزلة اختلاف المشترى والشفيع في الثمن وقد بينا ذلك ولا يلتفت إلى قول الذي كان عليه الحق لأنه صار قابضا لما عليه بدينه وقد بينا أن البائع بعد ما قبض الثمن لا قول له في بيان المقدار وإذا أقر الرجل أنه اشترى دارا بألف درهم فاخذها الشفيع بذلك ثم ادعي البائع أن الثمن الفان وأقام البينة فإنه يؤخذ بينته لأنه يثبت بها حقه ويرجع الشفيع على المشترى بألف أخرى لان الشفيع إنما يأخذها بالألف الذي سلمت به للمشتري وقد تبين انها سلمت له بألفين ولا معتبر باقرار المشتري أن الثمن كان ألف درهم لأنه صار مكذبا في اقراره بقضاء القاضي فيسقط اعتبار اقراره كمن أقر بعين لإنسان واشتراه منه ثم استحق من يده ما أثبته يرجع على البائع بالثمن وكذلك لو ادعى البائع انه باعها إياه بمائتي دينار أو عرض بعينه قيمته أكثر من ألف درهم وأقام البينة فإنه يقضي له بذلك
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست