المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٢٦
على المشتري ويسلم الدار للشفيع بذلك فيحسب له المشترى بقدر ما قبض منه ويرجع بالفضل عليه وإن كان قيمته أقل من الف رجع الشفيع على المشترى بالفضل على قيمة العرض لان الواجب للمشترى على الشفيع قيمة العرض الذي وقع الشراء به وقد تبين أنه أخذ منه أكثر من ذلك فيلزمه رد الفضل وإذا اختلف البائع والمشتري في ثمن الدار تحالفا ويبدأ باليمين على المشترى وقد بينا هذا في البيوع فأيهما نكل عن اليمين وجب البيع بذلك الثمن ويأخذها الشفيع به وان اختلفا تراد البيع وأخذها الشفيع بما قال البائع ان شاء لأنهما اتفقا على صحة البيع بينهما وثبوت حق الاخذ للشفيع فلا يبطل ذلك بفسخ البيع بينهما بالتحالف ألا ترى أن المشترى بعد التحالف لو صدق البائع كان أحق بالدار بما ادعاه البائع من الثمن فكذلك الشفيع إذا صدق البائع وان أقاما جميعا البينة كانت البينة بينة البائع ويأخذها الشفيع به وقد بينا فرق أبي حنيفة ومحمد بين هذا وبين ما إذا كان الاختلاف بين المشترى والشفيع وكذلك لو ما ادعى البائع أن الثمن كانت هذه الدار فقال المشترى بل اشتريتها بهذا العرض وأقاما البينة فبينة البائع أولى بالقبول لأنه يثبت به حق نفسه فإن كان الشفيع شفيعا للدارين جميعا أخذ كل واحدة منهما بقيمة الأخرى لان المعاوضة في الدارين تثبت بقضاء القاضي فهو كالثابت بالمعاينة ولو كان لكل واحد منهما شفع أخذها بقيمة الأخرى فكذلك إذا اتخذ شفيعهما وإن كان للدار شفيعان فشهد شاهدان أن إحداهما قد سلم الشفعة ولا يدريان أيهما هو فشهادتهما باطلة لان المشهود عليه مجهول ولا يتمكن القاضي من القضاء على المجهول ولأنهما ضيعا شهادتهما فإنهما عند التحمل إنما تحملا الشهادة على معلوم فإذا لم يعرفاه كان ذلك منهما تضييعا للشهادة وإن كان أحد الشفيعين غائبا كان للحاضر أن يأخذ جميع الدار لان حق كل واحد منهما ثابت في جميع الدار ولان حق الحاضر قد تأكد بالطلب ولا ندري أن الغائب يطلب حقه أو لا يطلب فلا يجوز أن يتأخر حق الحاضر بغيبة الآخر ولا يتمكن من أخذ البعض لما فيه من الاضرار بالمشترى من حيث تبعيض الملك عليه فقلنا بأنه يأخذ أو يدع وإذا أراد أن يأخذ النصف ورضي المشترى بذلك فله ذلك لان المانع حق المشترى وان قال المشترى لا أعطيك الا النصف كان له أن يأخذ الكل لما بينا ان حقه ثابت في جميع الدار وأكثر ما في الباب ان الغائب قد سلم له شفعته فللحاضر أن يأخذ الكل وإذا كفل للمشتري كفيل بالدرك فأخذ الشفيع الدار منه بالشفعة ونوى الثمن عليه لم يكن للمشترى على كفيل الدرك سبيل لان
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست