المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١١٣
بينة المشترى لاثبات الزيادة في قيمة البناء كما هو مذهبه فيما إذا اختلفا في مقدار الثمن وعلى الطريقة التي حكاها أبو يوسف عن أبي حنيفة هناك البينة بينة الشفيع هنا لأنها ملزمة دون بينة المشتري وعلى الطريقة التي حكاها محمد هناك البينة بينة المشترى وهو قول محمد لان هناك إنما جعلنا البينة بينة الشفيع باعتبار أن المشتري صدر منه اقرار ان ولا يوجد ذلك المعنى هنا فبقي الاختلاف بينهما في قيمة البناء وفي بينة المشترى اثبات الزيادة فكانت أولى كذلك وان اختلفا في قيمة الأرض يوم وقع الشراء نظر إلى قيمته اليوم فيقسم الثمن عليهما لأن الظاهر شاهد لمن يوافق قوله القيمة في الحال ولان تمييز الصادق من الكاذب بالرجوع إلى قيمته في الحال ممكن فيستدل بقيمتها في الحال على قيمتها فيما مضي وإذا اشترى دارا فوهب بناءها لرجل أو باعها منه أو تزوج عليها وهدم لم يكن للشفيع على البناء سبيل لأنه زايل الأرض وهو في نفسه منقول فلا يستحق بالشفعة ولكن يأخذ الأرض بحصتها من الثمن لان هدم البناء كان بتسليط من المشترى فهو كما لو هدم بنفسه وان كأن لم يهدم فله أن يبطل تصرف المشترى ويأخذ الدار كلها بجميع الثمن لان حقه في البناء ما دام متصلا بالأرض ثابت وللشفيع حق نقض تصرفات المشترى ألا ترى أنه لو تصرف في الأصل والهبة كان للشفيع أن ينقض ذلك ويأخذ بالشفعة فكذلك إذا تصرف في البناء ولأنه يأخذ الكل بالشفعة بحق تقدم ثبوت تصرف المشترى فهو بمنزلة الاستحقاق في ابطال تصرف المشترى فيه وإذا سلم الشفيع الشفعة للمشترى وهو لا يعلم بالشراء فهو تسليم وان صدقه المشترى أنه لم يعلم لأنه صرح باسقاط حقه بعد الوجوب وعلمه بحقه ليس بشرط في صحة الاسقاط باللفظ الموضوع له كالابراء عن الدين وايقاع الطلاق والعتاق والعفو عن القصاص وهذا بخلاف ما إذا ساومه وهو لا يعلم أنه اشتراه (لان المساومة) غير موضوعة لاسقاط الشفعة وإنما تسقط الشفعة بها لما فيها من دليل الرضا من الشفيع ولا يتحقق ذلك إذا لم يعلم الشفيع به وإذا اتخذ المشترى الدار مسجدا ثم حضر الشفيع كان له أن ينقض المسجد ويأخذ الدار بالشفعة (وروى الحسن) عن أبي حنيفة انه ليس له ذلك وهو مذهب الحسن ووجهه أن المسجد يتحرر عن حقوق العباد فيكون بمنزلة اعتاق العبد وحق الشفيع لا يكون أقوى من حق المرتهن في المرهون ثم حق المرتهن لا يمنع حق الراهن فكذلك حق الشفيع لا يمنع صحة جعل الدار مسجدا ووجه ظاهر الرواية ان للشفيع في هذه البقعة حقا مقدما على حق المشترى وذلك يمنع صحة جعله مسجدا لان
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست