المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٧٨
ما فيها لم يقطع لان المشهود به مجهول وشرائط وجوب الحد بمثل هذه الشهادة المجهولة لا تثبت ولم يشهدوا للمسروق منه بالملك في شئ أيضا فالمخرج من بيته قد يكون ماله وقد يكون مال لمخرج وان قالوا نشهد أنه سرق منه هذا المتاع فإذا هو ثياب مختلفة تساوى مالا عظيما قطع لأنهم شهدوا بفعل السرقة في معلوم فان الاعلام بالإشارة إلى العين أبلغ من الاعلام بالتسمية ولان الشاهد لا يتمكن عند تحمل الشهادة من أن يقتص ما سرقه ليتأمل كل ثوب منه ولا يكلف أداء الشهادة بما ليس في وسعه (قال) وإن كان للسارق دين على المسروق منه لم يبطل القطع عنه بخلاف ما يقوله بعض الناس أن قيام الدين عليه له سبب لاستحقاق ماله ألا ترى أن مال المديون لا يكون نصاب الزكاة بطريق انه كالمستحق لصاحب الدين بدينه وسبب الاستحقاق يورث شبهة في درء الحد عنه ولكنا نقول محل الدين الذمة ولا تعلق له بالمال خصوصا في حال صحة المديون حتى يملك التصرف في ماله كيف شاء ومع من شاء ببدل وبغير بدل وإنما تعلق الدين بالمال من حيث أن قضاء الدين يكون به فأما قبل القضاء فلا حق لصاحب الدين في مال المديون إلا أنه إذا كان الدين من جنس ما أخذه كان فعله استيفاء ولصاحب الدين أن يستوفى جنس حقه إذا ظفر به فلا يلزمه القطع لذلك فأما إذا كان من خلاف جنس حقه ففعله ليس باستيفاء ولكنه سرقة موجبة للحد عليه فان قال إنما أردت أن آخده رهنا بحقي أو قضاء لحقي درئ عنه الحد لشبهة اختلاف العلماء رحمهم الله تعالى فان ابن أبي ليلى رحمه الله كأن يقول وان ظفر بخلاف جنس حقه كان له أخذه لوجود المجانسة باعتبار صفة المالية ومن العلماء من يقول يأخذه رهنا بحقه والاختلاف المعتبر يمكن شبهة وهذا لان فعله كان في موضع الاجتهاد لا ينفك عن شبهة وإن كان هو مخطئا في ذلك التأويل عندنا (قال) وان سرق الحربي المستأمن في دار الاسلام لم يقطع وهو ضامن الا على قول أبى يوسف وابن أبي ليلي رحمه الله تعالى فإنهما يقولان يقطع ولا ضمان عليه وقد بينا نظيره في كتاب الحدود (قال) وإذا أشكل على الامام قيمة المسروق واختلف أهل العلم فقال بعضهم قيمتها عشرة دراهم وقال بعضهم أدنى لم يقطع لان كمال النصاب شرط يراعى وجوده حقيقة وذلك ينعدم عند اختلاف المقومين فيه وقد بينا حديث عمر حين قضى بالقطع على السارق فقال عثمان رضي الله عنه سرقته لا تساوي الا ثمانية دراهم فدرأ القطع عنه (قال) وإن كان أراها واحدا منهم فقال هي تساوى عشرة
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست