المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ٤٦
أن العلوق في حال قيام النكاح وإن لم يكن عليها عدة لزمه الولد ما بينه وبين ستة أشهر كما لو وقعت الفرقة بينهما بسبب آخر ولو نفي هذا الولد لم يجز اللعان بينهما عندنا وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى يجرى اللعان بينهما لان الأصل عنده أن اللعان يجرى لنفى الولد مقصودا ولهذا قال في النكاح الفاسد إذا دخل بها الزوج ثم جاءت بولد فنفاه يجرى اللعان بينهما لنفى الولد مقصودا وهذا لأنه محتاج إلى أن ينفى عن نفسه نسبا ليس منه واللعان مشروع لحاجته فأما عندنا حكم اللعان ثبت بالنص في الزوجات قال الله تعالى والذين يرمون أزواجهم ولا زوجية في النكاح الفاسد ولا بعد البينونة ولأنه لو جرى اللعان بينهما إنما يجرى لنفى الولد وقد حكم الشرع بثبوت نسب الولد منه حين أوجب المهر والعدة بالنكاح الفاسد وبعد الحكم بثبوت النسب لا يتصور نفيه توضيحه أن نفي النسب تبع لقطع الزوجية والتفريق بينهما وقيام التبع بالمتبوع فإذا تعذر الحكم عليه بقطع الزوجية يمتنع جريان اللعان بينهما (قال) وإذا لاعنها بولد ثم جاءت بولد بعد ذلك لستة أشهر أو أكثر ما بينها وبين السنتين لزمه هذا الولد لان العلوق به موهوم أنه كان في حال قيام النكاح (قال) وإذا ولدت المرأة ولدين في بطن واحد فأقر بالأول ونفي الثاني لزمه الولدان ويلاعنها فان نفي الأول وأقر بالثاني لزماه ويحد لان اقراره بنسب أحدهما اقرار بنسبهما فإنهما توأم لا ينفصل أحدهما عن الآخر في حكم النسب لعلمنا انهما خلقا من ماء واحد فإذا أقر بالأول كان هذا كاقراره بهما ثم في نفي الثاني هو قاذف لها بالزنا فيلاعنها وان نفي الأول فقد صار قاذفا لها بالزنا وحين أقر بالثاني فقد أكذب نفسه فيلزمه الحد ونسب الولدين ثابت منه لان اقراره بأحدهما كاقراره بهما وان نفاهما ثم مات أحدهما قبل اللعان فإنه يلاعن علي الحي منهما وهما ولداه لان الذي مات قد لزمه نسبه ألا ترى أنه يرثه لو كان له مال وانه لو قتل كان له الميراث من ديته والحكم بثبوت نسب أحدهما منه حكم بثبوت نسبهما فلا يحتمل النفي بعد ذلك ولأنه لو قطع نسب هذا الحي منه قطع نسب الميت أيضا والنسب كما لا يمكن اثباته بعد الموت بالدعوة لا يمكن قطعه بالنفي لان فيه إلزام الحكم على الميت من غير خصم عنه فان الأخ لا ينتصب خصما عن أخيه ولكن لا يمتنع جريان اللعان بينهما لأنه قذفها بالزنا وليس من ضرورة اللعان قطع النسب والنسب إنما لزمه حكما فلا يكون ذلك بمنزلة اكذابه نفسه في منع جريان اللعان بينهما وكذلك لو كانت ولدت أحدهما ميتا فنفاهما لان المولود ميتا ثابت النسب منه
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست