المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ٤٩
ولا لعان لان القذف الثاني كان موجبا للعان وقد تعذر اقامته حين صار محدودا في قذف ولو كان موجبا للحد لا يقام الأحد واحد وقد أقيم ذلك بعد القذفين (قال) وإذا قذف امرأته مرات فعليه لعان واحد لان اللعان في كونه موجب قذف الزوجات كالحد في حق الأجنبيات والحد لا يتكرر بتكرر القذف لشخص واحد (قال) وإذا قذف أربع نسوة في كلمة واحدة أوفى كلمات متفرقة فعليه أن يلاعن كل واحدة منهن على حدة بخلاف ما لو قذف أجنبيات فإنه يقام عليه حد واحد لهن لان المقصود يحصل بإقامة حد واحد وهو دفع عار الزنا عنهن وهنا لا يحصل المقصود بلعان واحد لأنه يتعذر الجمع بينهن في كلمات اللعان فقد يكون صادقا في بعضهن دون البعض والمقصود التفريق بينه وبينهن ولا يحصل ذلك باللعان مع بعضهن فلهذا يلاعن كل واحدة منهن على حدة حتى لو كان محدودا في قذف كان عليه حد واحد لهن لان موجب قذفه لهن الحد هنا والمقصود يحصل بحد واحد كما في الأجنبيات (قال) ولو قذف رجلا فضرب بعض الحد ثم قذف امرأة نفسه لم يكن عليه لعان وعليه تمام الحد لذلك الرجل لان قذفه إياها موجب للعان فان بإقامة بعض الحد عليه لا تبطل شهادته ولكن لا بد من اكمال الحد لذلك الرجل أولا لان في البداية به لسقاط اللعان فإنه يصير محدودا في قذف فيبدأ باكمال الحد الأول لهذا ولو كان قذفه إياها في هذه الحالة موجبا للحد لم يجب الاكمال الحد الأول كما لو قذف أجنبيا آخر (قال) وإذا قذف امرأته ثم بانت منه بطلاق أو غيره فلا حد عليه ولا لعان لان المقصود باللعان التفريق بينهما ولا يتأتى ذلك بعد البينونة فلا معنى للعان بعد فوات المقصود به ولا حد عليه لان قذفه كان موجبا للعان والقذف الواحد لا يوجب الحدين ولو أكذب نفسه لم يضرب الحد أيضا لهذا المعنى بخلاف ما لو أكذب نفسه بعد ما لاعنها لان وجوب اللعان هناك بأصل القذف والحد بكلمات اللعان فقد نسبها فيها إلى الزنا وانتزع معنى الشهادة باكذابه نفسه فيكون هذا نظير الشهود بالزنا فاما هنا لم توجد كلمات اللعان فلهذا لا يحد وان أكذب نفسه (قال) ولو قال أنت طالق ثلاثا يا زانية كان عليه الحد لأنها بانت بالتطليقات الثلاث فإنما قذفها بالزنا بعد البينونة فعليه الحد ولو قال يا زانية أنت طالق ثلاثا لم يلزمه حد ولا لعان لأنه قذفها وهي منكوحة ثم أبانها بالتطليقات وقد بينا انه بعد ما قذفها إذا أبانها لم يلزمه حد ولا لعان وهذا لأنه وان ذكر كلامه على سبيل النداء فقد نسبها به إلى الزنا لان النداء للتعريف وتعريفها بهذا الوصف نسبتها إليه بأبلغ الجهات
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست