فقالا الفرقة باللعان تكون فرقة بالطلاق وعلى قول أبى يوسف رحمه الله تكون فرقة بغير طلاق بناء على أن عند أبي يوسف يثبت باللعان الحرمة المؤبدة بينهما وهو قول الشافعي رضي الله عنه وعند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لا تتأبد الحرمة بسبب اللعان حجتهما في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم المتلاعنان لا يجتمعان أبدا وهكذا نقل عن عمر وعلى وابن مسعود رضي الله عنهم والمعنى فيه أن سبب هذه الفرقة يشترك فيه الزوجان والطلاق يختص به الزوج فما يشترك الزوجان فيه لا يكون طلاقا ومثل هذا السبب متى كان موجبا للحرمة كانت مؤبدة كالحرمة بالرضاع توضيحه ان ثبوت الحرمة هنا باللعان نظير حرمة قبول الشهادة بعد الحد في قذف الأجنبي وذلك يتأبد فكذلك هنا وحجة أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ان الثابت بالنص اللعان بين الزوجين فلو أثبتنا به الحرمة المؤبدة كان زيادة على النص وذلك لا يجوز خصوصا فيما كان طريقه طريق العقوبات ثم هذه فرقة تختص بمجلس الحكم ولا يتقرر سببه الا في نكاح صحيح فيكون فرقة بطلاق كالفرقة بسبب الجب والعنة وهذا لان باللعان يفوت الامساك بالمعروف فيتعين التسريح بالاحسان فإذا امتنع منه ناب القاضي منابه فيكون فعل القاضي كفعل الزوج وإذا ثبت انه طلاق والحرمة بسبب الطلاق لا تتأبد فاما الحديث فقد بينا ان حقيقة المتلاعنين حال تشاغلهما باللعان ومن حيث المجاز إنما يسميان متلاعنين ما بقي اللعان بينهما حكما وعندنا لا يجتمعان ما بقي اللعان بينهما حكما وإنما تجوز المناكحة بينهما إذا لم يبق اللعان بينهما حكما لأنه إذا أكذب نفسه يقام عليه الحد لا قراره على نفسه بالتزام الحد ومن ضرورة إقامة الحد عليه بطلان اللعان ولا يبقي أهلا للعان بعد إقامة الحد وكذلك أن أقرت المرأة بالزنا فقد خرجت من أن تكون أهلا للعان وكذلك أن قذفت رجلا فأقيم عليها الحد فعرفنا ان حل المناكحة بينهما بعد ما بطل حكم للعان فلا يكون في هذا اثبات الاجتماع بين المتلاعنين (قال) وإذا أنكر الزوج القذف فأقامت المرأة به البينة عليه وجب اللعان بينهما وعلى قول ابن أبي ليلى يلاعن ويحد اما اللعان فلان الثابت بالبينة كالثابت باقرار الخصم ثم قال ابن أبي ليلى انكاره بمنزلة إكذابه نفسه فيقام عليه الحد ولكنا نقول انكاره نفى القذف واكذابه نفسه تقرير القذف فكيف يستقيم إقامة انكاره مقام اكذابه نفسه فلهذا لا يحد (قال) وإذا نفى الرجل حبل امرأته فقال هو من زنا فلا لعان بينهما ولا حد قبل الوضع في قول علمائنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى
(٤٤)