قالوا لا يجوز لان المعتبر سد الخلة ولهذا لا يجوز صرفه إلى الغنى لأنه طاعم بملكه واطعام الطاعم لا يتحقق كما أن التمليك من المالك لا يتحقق وبعدما استوفي وظيفته في هذا اليوم لا يحصل سد خلته بصرف وظيفة أخرى في هذا اليوم إليه بخلاف كفارة أخرى لان المستوفى في حكم تلك الكفارة كالمعدوم ولا يتمكن أن يجعل مثله في حق هذه الكفارة وبخلاف الثوب لان تجدد الحاجة إليه يختلف باختلاف أحوال الناس فيه فلا يمكن تعليق الحكم بعينه لتعذر الوقوف عليه فيقام تجدد الأيام فيه مقام تجدد الحاجة تيسيرا (قال) ولو أطعم سنين مسكينا كل مسكين صاعا من حنطة من ظهارين في امرأة واحدة أو امرأتين لم يجز الا من أحدهما في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى ويجزئه في قول محمد رحمه الله تعالى لان في المؤدى وفاء بوظيفة الكفارتين والمصروف إليه محل الكفارتين فيجزئه كما لو أعطى عن كفارة نصف صاع على حدة لكل مسكين والدليل عليه لو كانت الكفارتان من جنسين إحداهما كفارة الظهار والأخرى كفارة الفطر أجزأ عنهما بالنية بالاجماع فكذلك إذا كانتا من جنس واحد وهما يقولان زاد في الوظيفة ونقص عن المحل فلا يجزئه الا بقدر المحل كما لو أعطى ثلاثين مسكينا في كفارة واحدة كل مسكين صاعا وبيان ذلك أن الواجب عليه في كل كفارة طعام ستين مسكينا فمحل اطعام الظهارين مائة وعشرون مسكينا وقد نقص عن المحل وزاد في الواجب لان الواجب لكل مسكين نصف صاع وقد أدى صاعا وحقيقة المعنى فيه أن في الجنس الواحد كما لا تعتبر نيته في التمييز لا تعتبر نيته في العدد فنيته عن ظهارين وعن ظهار واحد سواء بخلاف ما إذا كانتا من جنسين لان نية التعيين معتبرة عند اختلاف الجنس فكذلك تعتبر نيته عن الكفارتين ليكون عن كل واحدة منهما نصف المؤدى (قال) ولا يجزئه أن يعطى من هذه الكفارة من لا يجزئه أن يعطيه من زكاة المال وقد بينا ذلك في كتاب الزكاة الا فقراء أهل الذمة فإنه يعطيهم من هذه الكفارة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وفقراء الاسلام أحب الينا ولا يجزيه أن يعطى فقراء أهل الحرب وان كانوا مستأمنين في دارنا وقد بينا هذا الفصل بتمامه في صدقه الفطر وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى ان ما أوجبه على نفسه بنذره يجوز صرفه إلى فقراء أهل الذمة فاما ما أوجبه لله تعالى عليه لا يصرفه الا إلى فقراء المسلمين كالزكاة وهذه الرواية مخالفة للرواية المشهورة عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى (قال) فان أعتق عبدا حربيا في دار الحرب لم يجزه عن
(١٨)