المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ٢٠
اليمين لوجود شرط الحنث وقد سقط الايلاء لان ثبوت حكم الايلاء بقصده الاضرار والتعنت بمنع حقها بالجماع وقد زال ذلك حين أوفاها حقها وهو الفئ المذكور في قوله تعالى فان فاؤا فان الله غفور رحيم لان الفئ عبارة عن الرجوع يقال فاء الظل إذا رجع وقد رجع عما قصد من الاضرار حين جامعها ولهذا قال بعض الناس ليس عليه كفارة لان الله تعالى وعده بالرحمة والمغفرة بقوله تعالى فان فاؤا فان الله غفور رحيم ولكنا نقول حكم الكفارة عند الحنث ثابت بقوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته الآية وان مضت المدة قبل أن يفئ إليها طلقت تطليقة بائنة عندنا وكان معنى الايلاء ان مضت أربعة أشهر ولم أجامعك فيها فأنت طالق تطليقة بائنة هكذا نقل عن علي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وعائشة رضوان الله عليهم أجمعين قالوا عزيمة الطلاق مضى المدة وعند الشافعي لا يقع الطلاق بمضي المدة ولكنه يوقف بعد المدة حتى يفئ إليها أو يفارقها فان أبى ان يفعل فرق القاضي بينهما وكان تفريقه تطليقة بائنة والكلام في فصلين (أحدهما) ان عنده الفئ بعد مضي المدة لان الله تعالى قال للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فبين ان هذه المدة للزوج لا عليه وإنما تكون المدة له إذا كان الامر موسعا عليه والتضييق بعده فاما إذا كان مطالبا بالجماع في المدة فلا تكون المدة له ثم قال الله تعالى فان فاؤوا وحرف الفاء للتعقيب عرفنا ان الفئ الذي يؤمر به الزوج بعد مضى المدة وعندنا الفئ في المدة بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه فان فاؤا فيهن وقراءته لا تتخلف عن سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم والتقسيم في قوله تعالى وان عزموا الطلاق دليل على أن الفئ في المدة وعزيمة الطلاق بعده كما في قوله تعالى فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف والامساك بالمعروف بالمجامعة في المدة والتسريح بالاحسان بتركها حتى تبين بمضي المدة وهذا التربص مشروع للزوج لان الايلاء كان طلاقا معجلا فجعل الشرع للزوج فيه مدة أربعة أشهر حتى مكنه من التدارك في المدة وجعل الطلاق مؤخرا إلى ما بعد المدة (والفصل الثاني) أن الفرقة عنده لا تقع الا بتفريق القاضي بينهما أو بايقاع الزوج الطلاق لان الله تعالى قال فان عزموا الطلاق فان الله سميع عليم وهو إشارة إلى أن عزيمة الطلاق بما هو مسموع وذلك بايقاع الطلاق أو تفريق القاضي والمعنى فيه أن التفريق بينهما لدفع الضرر عنها عند فوت الامساك بالمعروف فلا يقع الا بتفريق القاضي كفرقة العنين فان بعد مضى المدة
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست