المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ٢٣٦
والعبد الكافر الذي اشتراه في دار الاسلام بمنزلة المعاهد حتى لو عتق كان معاهدا لا يترك ليرجع إلى دار الحرب ولا يرثه الحربي بخلاف العبد الحربي فإنه لو عتق فهو حربي على حاله فيرثه الحربي فان لحق الحربي بدار الحرب فالمكاتب مكاتب على حاله لان حكم الأمان باق فيما خلفه في دار الاسلام فان بعث بما عليه إليه عتق لبراءة ذمته وان ظهر المسلمون على الدار فقتل الحربي أو أسر عتق المكاتب لبراءة ذمته عن بدل الكتابة فإنه لم يبق للمولى ولا لورثته حق مرعى بعد ما قتل أو أسر ولم يخلفه السابي في ملك بدل الكتابة لان الدين في الذمة لا يتصور ورود القهر عليه والملك للسابي بطريق القهر ولان يد المكاتب فيما في ذمته أسبق فيملك ما في ذمته وتسقط عنه المكاتبة فلذا عتق وكذلك أن أسر من غير أن يظهروا على الدار لان نفسه بالأسر قد تبدل وخرج من أن يكون أهلا لملك المال ولم يخلفه وارثه في ذلك لبقائه حيا في حق ورثته فاما إذا قتل ولم يظهر المسلمون على الدار فالكتابة دين عليه يؤديه إلى ورثة مولاه لأنهم يخلفونه فيما كان لمولاه حين لم يقع الظهور عليهم وكما وجب عليه مراعاة الأمان فيما خلفه في دار الاسلام لحقه فكذلك يجب مراعاته لحق ورثته حربي كاتب عبده في دار الحرب ثم أسلما جميعا أو صارا ذمة أجزت ذلك لان الكتابة تعتمد التراضي كالبيع والشراء فكما يبقى بيعهم وشراؤهم بعد اسلامهم فكذلك الكتابة فان خرجا مستأمنين والعبد في يديه على حاله فخاصمه في المكاتبة أبطلتها كما أبطل العتق والتدبير في دار الحرب منهم إذا خرجوا بأمان ألا ترى أن رجلا منهم لو قهر رجلا فأسره ثم خرج الينا وهو في يديه كان له أن يبيعه فكذلك المكاتب لأنه في حكم القاهر لمولاه فيما في ذمته فلهذا بطلت المكاتبة وإن كان المولى قاهرا حين أخرجه إلى دار الاسلام فهو عبده كما لو كان أعتقه ثم قهره هو أو غيره وأخرجه إلى دار الاسلام كان عبدا له ولو كاتبه ثم خرج العبد مسلما عتق وبطلت عنه الكتابة لأنه قهر لمولاه حين أحرز نفسه بدار الاسلام مسلما أو ذميا ولو فعل ذلك وهو بعد ملك نفسه حتى يعتق فكذلك إذا فعله وهو مكاتب يملك ما في ذمته فيسقط عنه ويكون حرا مسلم تاجر في دار الحرب كاتب عبده أو أعتقه أو دبره كان جائزا استحسانا وفى القياس لا يجوز شئ من ذلك منه لأنه فعله حيث لا يجرى حكم المسلمين وتنفيذ هذه التصرفات من أحكام المسلمين ووجه الاستحسان انه مسلم ملتزم لاحكام الاسلام وإن كان في دار الحرب وكذلك العبد مسلم ليس بمحل الاسترقاق بعد
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 » »»
الفهرست