المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ٢٣٤
يكون ذلك دليل الرضا منهم وإنما دليل الرضا الإجازة بعد الموت (قال) وان كاتب المرتد عبده فكتابته موقوفة ان أسلم جاز وان قتل على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب بطلت في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى كتابته جائزة الا ان عند أبي يوسف رحمه الله تعالى تجوز جوازها من الأصحاء وعند محمد رحمه الله تعالى من المريض حتى تعتبر من ثلثه وهو بمنزلة اختلافهم في سائر تصرفات المرتد وإذا قسم القاضي مال المرتد بين ورثته ثم كاتب الوارث عبدا من تركته ثم تاب المرتد ورجع فوجد المكاتب فهو مكاتب له يؤدى إليه ويعتق وولاؤه له كأنه هو الذي كاتبه وعلى قول زفر رحمه الله تعالى لا سبيل له عليه لان الوراث بتصرفه استحق ولاءه فكأنه أعتقه ولان المكاتب غير محتمل للنقل من ملك إلى ملك فلا يعود إليه من ملك الوارث كالمدبر وأم الولد ولكنا نقول استحقاق العتق لا يثبت بنفس الكتابة ولهذا كان محتملا للفسخ والمرتد إذا تاب لا يتملك ماله على الوارث ولكنه يعود إلى قديم ملكه كما كان وعقد الكتابة لا يمنع ذلك الا ترى ان المكاتب إذا كاتب عبدا له ثم عجز الأول كان الثاني مكاتبا للمولى ويجعل كان الأول كان نائبا عن المولى في مكاتبته فكذلك هنا يجعل الوارث كالنائب عنه في مكاتبته وكتابة المرتدة وعتقها وبيعها جائز كما يكون في الاسلام لان نفسها تتوقف بالردة حتى لا تقتل فكذلك ملكها بخلاف المرتد عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وان كاتبت على خمر أو خنزير فانى أبطل ذلك ولا أجيز عليها الا ما يجوز منها قبل الردة لأنها مجبرة على الاسلام فكان حكم الاسلام باقيا في حقها وإذا ارتد العبد والمولى مسلم فكاتبه جاز لان المانع من نفوذ تصرف المرتد توقف ملكه على حق ورثته وذلك لا يوجد في العبد ولأنه محض منفعة في حقه بمنزلة قبول الهبة فان قتل وترك مالا أخذت الكتابة من ماله والباقي ميراث لورثته لأنه حكم بحريته مستندا إلى حال حياته والمرتد الحر يرثه الورثة المسلمون وكذلك لو ترك ولدا ولد له في المكاتبة يسعى فيما عليه لان موته عمن يؤدى بدل الكتابة كموته عما يؤدى به بدل الكتابة وإذا ارتد المكاتب ولحق بدار الحرب واكتسب مالا فأخذ أسيرا فأبي أن يسلم فإنه يقتل ويستوفى مولاه من كسبه مكاتبته والباقي ميراث استحسانا وكان القياس أن يكون كله لمولاه إن كان عبدا وإن كان حرا فهو فئ لأنه كسب ردته وأبو حنيفة رحمه الله لا يقول بتوريث كسب الردة عن المرتد إذا كان حرا ولكن يجعل ذلك فيئا للمسلمين
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست