المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ١٨١
نيته لأنه نوى حقيقة كلامه ثم لا يكون مدبرا لأنه علق عتقه بما ليس بكائن لا محالة وهو موته بالنهار وربما يموت بالليل فلهذا لا يكون مدبرا ولو قال إن حدث بي حدث في مرضى هذا أو سفري هذا فأنت حرلم يكن مدبرا وله أن يبيعه لأنه علق عتقه بما ليس بكائن لا محالة فربما يرجع من ذلك السفر ويبرأ من ذلك المرض وفقه هذا الكلام اتا إنما نوجب حق الحرية بالتدبير في الحال بناء على قصده القربة بطريق الخلافة وهذا القصد منه ينعدم إذا علقه بموت بصفة لان القصد إلى القربة لا يختلف بالموت من ذلك المرض أو من غيره فلا نعدام هذا القصد لم يكن مدبرا بخلاف ما إذا علقه بمطلق الموت فان القصد إلى ايجاب القربة هنا متحقق حين علقه بما هو كائن لا محالة ولكن ان مات كما قال عتق من ثلثه لان التعليق بالشرط صحيح مع انعدام القصد إلى ايجاب القربة وإذا وجد الشرط عتق من ثلثه وان برئ من مرضه أو رجع من سفره ثم مات لم يعتق لان الشرط الذي علق عتقه به قد انعدم وإذا قال أنت حر بعد موت فلإن لم يكن مدبرا لان موت فلان ليس بسبب للخلافة في حق هذا المولى ووجوب حق العتق باعتبار معنى الخلافة فإذا لم يوجد ذلك لم يكن مدبرا والى هذا أشار فقال ألا ترى أن فلانا لو مات والمولى حي عتق العبد ولا خلافة قبل موته ولو مات المولى وذلك الرجل حي صار العبد ميراثا للورثة فكيف يكون مدبرا وتجرى فيه سهام الورثة وكذلك أن قال أنت حر بعد موتي وموت فلان أو بعد موت فلان وموتى فهذا لا يكون مدبرا لأنه ما تعلق عتقه بمطلق موت المولى فحسب وإنما تعلق بموتين فان مات المولى قبل فلإن لم يعتق لان الشرط لم يتم وصار ميراثا للورثة فكان لهم أن يبيعوه وان مات فلان قبل المولى فحينئذ يصير مدبرا عندنا وليس له أن يبيعه وعلى قول زفر رحمه الله تعالى لا يكون مدبرا لأنه ما تعلق عتقه بموت المولى فحسب إنما تعلق بموتين كما علقه المولى فكان موت المولى بعد موت فلان متمما للشرط لا انه كمال الشرط وهذا على أصل زفر رحمه الله تعالى مستقيم فإنه جعل كل جزء من الشرط معتبرا حتى اعتبر وجود الملك عند وجود بعض الشرط على ما بينا في الطلاق ولكنا نقول بعد موت فلان تعلق عتقه بمطلق موت المولى حتى أنه متى مات عتق وصورة المدبر هذا فكان مدبرا كما لو قال له إذا كلمت فلانا فأنت حر بعد موتى فكلمه أو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتى فإذا كلم فلانا كان مدبرا فكذلك هنا قال وان قال أنت حر بعد موتى إن شئت لم يصر مدبرا
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست