المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ١٨٠
عن ابطاله كما أن الموت لما كان موجبا الخلافة للوارث في تركته وسببه المرض ثبت نوع حق لهم بهذا السبب على وجه يصير المريض محجورا عن التبرع وهذه الخلافة في العتق الذي لا يحتمل الابطال بعد ثبوته فيتقوى هذا السبب من وجهين أحدهما أن المتعلق به مما لا يحتمل الابطال والثاني ان التعليق بما هو كائن لا محالة وهو موجب للخلافة ولهذه القوة قلنا لا يحتمل الابطال والفسخ بالرجوع عنه بخلاف ما يقوله الشافعي رحمه الله تعالى في بعض أقاويله وهو ضعيف جدا بأن تعليق العتق بسائر الشروط يحتمل الفسخ فهذا الشرط أولى ولهذه القوة يجب حق الحرية له في الحال على وجه يمنع بيعه ويثبت استحقاق الولاء للمولى على وجه لا يجوز ابطاله بخلاف التعليق بسائر الشروط فان دخول الدار ونحو ذلك ليس بكائن لا محالة والتدبير المقيد وهو قوله ان مت من مرضى هذا ليس بكائن لا محالة أيضا والتعليق بمجئ رأس الشهر فان ذلك ليس بسبب موجب للخلافة وكذلك الوصية برقبته لغيره فان ذلك تمليك يحتمل الابطال بعد ثبوته فلا يجب به الحق بنفسه وتقرر بهذا التحقيق ان المدبر في معني أم الولد الا ان هناك معنيين تعلق بأحدهما وجوب حق الحرية في الحال وبالآخر سقوط المالية والتقوم ثم وجد أحد المعنيين ههنا دون الآخر فيتعدى بذلك المعنى حكم ثبوت حق الحرية إلى المدبر ولا يتعدى حكم سقوط المالية والتقوم لانعدام معناه هنا فلهذا كان معتبرا من الثلث على هذا نقول ولد المدبرة يكون مدبرا لأنه وجب حق الحرية لها في الحال فيسرى إلى الولد كالاستيلاد وهو دليلنا على الشافعي وبعض أصحابه يمنعون سرايته إلى الولد وهو ضعيف جدا لأنه مخالف لقول الصحابة والتابعين وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه ولد المدبرة مثل أمه وخوصم إلى عثمان رضي الله عنه في أولاد مدبرة فقضى بأن ما ولدته قبل التدبير عبد يباع وما ولدته بعد التدبير فهو مثلها لا يباع وعن شريح وسعيد بن المسيب وقتادة وجماعة منهم رضوان الله عليهم أجمعين انهم قالوا ولد المدبرة مدبر إذا عرفنا هذا فنقول رجل قال لمملوكه أنت حر بعد موتي أو إذا مت أو ان مت أو متى مت أو إذا حدث بي حدث فهذا كله واحد وهو مدبر لأنه علق عتقه بمطلق موته فإنه وان أطلق الحدث فالمراد به الموت عادة وكذلك لو قال أنت حر يوم أموت لأنه قرن باليوم مالا يمتد ولا يختص بأحد الوقتين فيكون عبارة عن الوقت فكأنه قال أنت حر وقت موتى فان نوى باليوم النهار دون الليل صحت
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست