المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ١٤٤
وجه ألا ترى أن في زوجته الطلاق بهذه الصفة يكون بائنا وان المولى لو جد المال زيوفا فرده كان له أن يستبدله بالجياد وما تردد بين أصلين يوفر حظه عليهما فوفرنا عليه التعليق في الابتداء لمراعاة لفظ المولى ودفع الضرر عنه ووفرنا عليه معنى الكتابة في الانتهاء دفعا للضرر والغرور عن العبد فقلنا كما وضع المال بين يدي المولي يعتق يدل عليه انه علق العتق بفعل يباشره العبد وهو الأداء وفى مثله لا يكون للمولى أن يمتنع منه ولا أن يمنع عبده من ذلك الفعل كما لو قال له أنت حر إن شئت فشاء العبد في المجلس يعتق وليس للمولى أن يمتنع من ذلك الفعل فأما إذا باعه ثم اشتراه قد روى عن أبي يوسف رحمه الله تعالى انه إذا جاء المال يعتق هذا وما قبل البيع سواء لان التعليق لا يبطل بالبيع وعلى ما ذكره في الزيادات أنه لا يجبر المولى على القبول والعذر واضح فان معنى التعليق لا يبطل بالبيع ولكن معنى الكتابة يبطل بنفوذ البيع فيه واجبار المولى على القبول كان من حكم الكتابة وقد بطل ذلك بنفوذ البيع فيه فلهذا لا يجبر على القبول بعده فأما قبل البيع معنى الكتابة باق كما بينا ولسنا نعني بقولنا يجبر المولى على القبول الاجبار حسا وإنما نعني أن بمجرد التخلية بينه وبين المال يعتق وليس للمولى أن يمتنع عنه وإذا أحضر العبد المال لا يمكن المولى من أن يهرب منه ثم لا يعتق العبد الا بأداء جميع المال لان الشرط لا يتم الا به حتى لو بقي من المال درهم فهو عبد على حاله ولمولاه أن يبيعه وكذلك لو كان قال له ان أديت إلى ألفا إلا أن هذا على المجلس في ظاهر الرواية وروى بشر عن أبي يوسف رحمهما الله تعالى أنه لا يتوقت بالمجلس كالتعليق بسائر الشروط وجه ظاهر الرواية أنه بمنزلة التعليق بمشيئة العبد لأنه يتخير بين الأداء والامتناع منه فكما يتوقت بالمجلس إذا قال له أنت حر إن شئت فكذلك هذا توضيحه أنه في الكتابة يحتاج إلى القبول في المجلس والأداء هنا بمنزلة القبول هناك من حيث أن حكم الكتابة يثبت به فيعتبر وجود الأداء في المجلس هنا إذا لم يكن في لفظه ما يدل على الوقت كما يعتبر القبول في المجلس في الكتابة وإن اختلفا في مقدار المال فالقول قول المولى مع يمينه لان التعليق بالشرط ثم به فالقول قوله في بيانه بخلاف مسألة أو الباب فان العبد هناك عتق بالقبول فيكون الاختلاف بينهما في الدين الواجب عليه وهنا لا يعتق الا بالأداء فإنما وقع الاختلاف بينهما فيما يقع به العتق فلهذا كان القول قول المولى فيه وان أقاما البينة فالبينة بينة العبد لأنه لا منافاة بين
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست