المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ١٤٣
غائبا ثم العبد يدعى وجود الشرط بقبوله والمولى منكر لذلك فالقول قوله كما لو قال له قلت لك أمس أنت حر إن شئت فلم تشأ وقال العبد بل قد شئت فالقول قول المولى بخلاف ما لو قال لغيره بعتك هذا الثوب أمس بألف درهم فلم تقبل وقال المشتري قبلت فالقول قول المشترى لان البائع أقر بالبيع ولا يكون البيع الا بقبول المشترى فهو في قوله لم يقبل راجع عما أقربه وإذا أعتقه على مال حال أو مؤجل فله أن يشترى بذلك المال منه ما بدا له يدا بيد لأنه دين يجوز الابراء عنه ولا يستحق قبضه في المجلس فيجوز الاستبدال به كالأثمان ولا خير فيه نسيئة لان الدين بالدين حرام في الشرع ولو أعتق أمته على مال فولدت ثم ماتت ولم تدع شيئا فليس على الولد من ذلك المال شئ لأنه انفصل عنها بعد حريتها فكان حرا وليس على الحر شئ من دين مورثه إذا مات ولو أعطته في حياتها كفيلا بالمال الذي أعتقها عليه جاز لأنها حرة فثبت المال دينا عليها بصفة القوة والكفالة بمثله من الديون صحيحة بخلاف بدل الكنابة وان قال لعبده إذا أديت إلى فأنت حر لم يكن مكاتبا ولم يعتق حتى يودي لان الكتابة توجب المال على المكاتب بالقبول فيثبت له بمقابلته ملك اليد والمكاسب وهنا المال لا يجب على العبد فلا يثبت له ملك اليد والمكاسب ولكن هذا اللفظ من المولى تعليق لعتقه بأداء المال فيكون كالتعليق بسائر الشروط ولهذا لا يحتاج فيه إلى قبول العبد ولا يبطل بالرد ولا يمتنع على المولى بيعه ولكن متى جاء بالمال عتق وليس للمولى أن يمتنع من قبوله عندنا استحسانا وفى القياس له ذلك وهو قول زفر رحمه الله تعالى لأنه تعليق العتق بالشرط فلا يجبر المولى على ايجاد الشرط كما لو علقه بسائر الشروط وإذا لم يكن مجبرا على ايجاد الشرط لا يتم الشرط بفعل العبد لان الشرط ان يتصل بالمولى نص على ذلك بقوله ولا يتصل به الا بقبوله ودليل الوصف أنه لا يسرى إلى الولد ولا يمتنع عليه بيعه ولا يصير العبد أحق بمكاسبه ولا يحتمل الفسخ والدليل عليه أنه لو باعه ثم اشتراه ثم جاء بالمال لم يجبر على قبوله فكذلك قبل البيع لان حكم التعليق بالشرط لا يختلف بما قبل البيع وبعده وجه الاستحسان أنه مملوك تعلق عتقه بأداء مال معلوم إلى المولى فإذا خلى بين المال والمولي يعتق كالمكاتب وتأثيره أن هذا اللفظ باعتبار الصورة تعليق وباعتبار المعنى والمقصود كتابة لأنه حثه على اكتساب المال ورغبه في الأداء بما جعل له من العتق وليست الكتابة الا هذا وهذا المال عوض من
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست