مفوتا عليه ملكا متقوما وهنا بالاحرام لم يبطل ملكه على ما قررنا والدليل على الفرق أن المحرم إذا أخذ صيدا ثم أرسله فأخذه غيره ثم وجده المحرم في يده بعد ما حل فليس له أن يسترده منه ولو أحرم وفى يده صيد فأرسله ثم وجده بعد ما حل في يد غيره كان له أن يسترده منه فدل على الفرق بين الفصلين (قال) محرم قتل سبعا فإن كان السبع هو الذي ابتدأه فآذاه فلا شئ عليه والحاصل أن نقول ما استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المؤذيات بقوله خمس من الفواسق يقتلن في الحل والحرم وفي حديث آخر يقتل المحرم الحية والفأرة والعقرب والحدأة والكلب العقور فلا شئ على المحرم ولا على الحلال في الحرم بقتل هذه الخمس لان قتل هذه الأشياء مباح مطلقا وهذا البيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم كالملحق بنص القرآن فلا يكون موجبا للجزاء والمراد من الكلب العقور الذئب فأما ما سوى الخمس من السباع التي لا يؤكل لحمها إذا قتل المحرم منها شيئا ابتداء فعليه جزاؤه عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا شئ عليه لان النبي صلى الله عليه وسلم إنما استثنى الخمس لان من طبعها الأذى فكل ما يكون من طبعه الأذى فهو بمنزلة الخمس مستثنى من نص التحريم فصار كان الله تعالى قال لا تقتلوا من الصيود غير المؤذى ولو كان النص بهذه الصفة لم يتناول الا ما هو مأكول اللحم غير المؤذى ولان النبي صلى الله عليه وسلم استثنى الكلب العقور وهذا يتناول الأسد الا ترى أنه حين دعا على عتبة بن أبي لهب قال اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فافترسه أسد بدعائه صلى الله عليه وسلم ولان الثابت بالنص حرمة ممتدة إلى غاية وهو الخروج من الاحرام لان الله تعالى قال وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما وهذا يتناول مأكول اللحم فاما غير مأكول اللحم محرم التناول على الاطلاق فلا يتناوله هذا النص وحجتنا في ذلك قوله تعالى لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم واسم الصيد يعم الكل لأنه يسمى به لتنفره واستيحاشه وبعده عن أيدي الناس وذلك موجود فيما لا يؤكل لحمه والدليل عليه ان لفظة الاصطياد بهذا المعنى تطلق على اخذ الرجال قال القائل صيد الملوك ثعالب وأرانب * وإذا ركبت فصيدي الابطال ثم النبي صلى الله عليه وسلم نص على أن المستثنى من النص خمس فهو دليل على أن ما سوى الخمس فحكم النص فيه ثابت والدليل عليه وهو أنا لو جعلنا الاستثناء باعتبار معنى الايذاء خرج المستثنى من أن يكون محصورا بعدد الخمس فكان هذا تعليلا مبطلا للنص ثم ما سوى
(٩٠)