شاء الله تعالى فظاهر المذهب عندنا ان غير هذا اللفظ من الثناء والتسبيح يقوم مقامه في حق من يحسن التلبية أو لا يحسن وكذلك لو أتى به بالفارسية فهو والعربية سواء اما على قول أبي حنيفة فظاهر لأنا قد بينا مذهبه في التكبير عند افتتاح الصلوات أن المعتبر ذكر الله تعالى على سبيل التعظيم وان لفظ الفارسية والعربية فيه سواء فكذلك هنا ومحمد رحمه الله تعالى يقول لا يتأدى بالفارسية ممن يحسن العربية وهنا يتأدى لان غير الذكر هنا يقوم مقام الذكر وهو تقليد الهدى فكذلك غير العربية يقوم مقام العربية بخلاف الصلوات وبهذا يفرق أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى بين التلبية والتكبير عند افتتاح الصلوات. وقد روى الحسن عن أبي يوسف رحمهما الله تعالى أن غير التلبية من الأذكار لا يقوم مقام التلبية هنا كما في الصلوات على قوله ولا يصير محرما بمجرد النية ما لم يأت بالتلبية أو ما يقوم مقامها خلافا للشافعي رحمه الله تعالى وبيانه يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى (قال) والمستحب رفع الصوت بالتلبية هكذا روى خلاد بن السائب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أمرني جبريل عليه السلام أن آمر أمتي أو من معي بأن يرفعوا أصواتهم بالتلبية وقال صلى الله عليه وسلم أفضل الحج العج والثج فالعج رفع الصوت بالتلبية والثج إراقة الدم والمستحب عندنا في الأذكار والدعاء الخفية الا فيما تعلق باعلانه مقصود كالأذان للاعلام والخطبة للوعظ وتكبيرات الصلوات لا علام التحرم والانتقال والقراءة لا سماع المؤتم فالتلبية للشروع فيما هو من اعلام الدين فلهذا كان المستحب رفع الصوت به (قال) فإذا لبيت فقد أحرمت يعنى إذا نويت ولبيت إلا أنه لم يذكر النية لتقدم الإشارة إليها في قوله اللهم إني أريد الحج قال فاتق ما نهى الله عنه من قتل الصيد والرفث والفسوق والجدال أما قتل الصيد فالمحرم منهى عنه في قوله تعالى لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم والصيد محرم عليه ما دام محرما لقوله تعالى وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما وأما الرفث والفسوق والجدال فالنهي عنها في قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج فهو نهى بصيغة النفي وهذا آكد ما يكون من النهى وفى تفسير الرفث قولان أحدهما الجماع بيانه في قوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث والثاني الكلام الفاحش الا ان ابن عباس رضي الله عنه كأن يقول إنما يكون الكلام الفاحش رفثا بحضرة النساء حتى روى أنه كان ينشد في احرامه وهن يمشين بنا هميسا * ان تصدق الطير ننك لميسا
(٦)