المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٣
فلا يجوز الا بمراعاة الترتيب فيها ولهذا لا يتأدى طواف للزيادة قبل الوقوف كما لا يتأدى السجود في فصل الصلاة قبل الركوع والمال شرط يتوصل به إلى الأداء ولهذا لا يتحقق الأداء من فقير لا مال له فرضا وأركان هذه العبادة الأفعال والمال ليس بسبب فيه ولكنه معتبر ليتيسر به الوصول إلى مواضع أداء أركانه ثم بدأ الكتاب فقال إذا أردت أن تحرم بالحج إن شاء الله اقتد بكتاب الله تعالى في ذكر الاستثناء في قوله تعالى لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله وقيل إن أبا حنيفة رحمه الله تعالى خاطب أبا يوسف رحمه الله تعالى والواحد يشك في حاله أنه يحج أو لا يحج فقيد بالاستثناء وتفرس فيه أنه يحج فما أخطأت فراسته (قال) فاغتسل أو توضأ والغسل فيه أفضل هكذا روى أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لاهلاله فاغتسل رواه خارجة بن زيد بن ثابت رضي الله عنه وهذا الاغتسال ليس بواجب لما روى أن أبا بكر رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان أسماء قد نفست قال مرها فلتغتسل ولتحرم بالحج ومعلوم أن الاغتسال الواجب مع النفاس والحيض لا يتأدى فعرفنا أن هذا الاغتسال لمعنى النظافة وما كان لهذا المقصود فالوضوء يقوم مقامه كما في العيدين والجمعة ولكن الغسل أفضل لان معنى النظافة فيه أكمل ثم البس ثوبين إزارا ورداء جديدين أو غسلين هكذا ذكر جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ائتزر وارتدي عند احرامه ولان المحرم ممنوع من لبس المخيط ولا بدله من ستر العورة فتعين للستر الارتداء والائتزار والجديد والغسيل في هذا المقصود سواء غير أن الجديد أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه تزين لعبادة ربك (قال) وادهن بأي دهن شئت وهو الظاهر من المذهب عندنا أنه لا بأس بأن بتطيب ويدهن قبل احرامه بما شاء وروى عن محمد رحمه الله تعالى قال كنت لا أرى بذلك بأسا حتى رأيت أقواما يحضرون طيبا كثيرا ويصنعون شيئا شنعا فكرهت ذلك وهو قول مالك رحمه الله تعالى وقد نقل عن عمر وعثمان رضي الله عنهما كراهة ذلك وحجة هذا القول حديث الاعرابي حيث جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه جبة متضمخة أبى متلطخة بالخلوق فسأله عن العمرة فلم يجبه حتى نزل عليه الوحي فلما سرى عنه قال أين السائل عن العمرة فقال الاعرابي ها أنا ذا يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم أما جبتك فانزعها وأما الخلوق فاغسله واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجتك فقد أمره بإزالة الطيب عن نفسه عند الاحرام ولنا حديث عائشة رضي الله عنها
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست