المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٠
مسلما لإقامة السنة ولكن ان استطاع تقبيله فعل والأمس الحجر بيده وقبل يده وإن لم يستطع ذلك أمس الحجر شيئا من عرجون أو غيره ثم قبل ذلك الشئ جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم طاف على راحلته واستلم الأركان بمحجنه وإن لم يستطع شيئا من ذلك استقبله وكبر وهلل وحمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا استقبال مستحب غير واجب لان استقبال البيت عند الطواف لو كان واجبا كان في جميعه كاستقبال القبلة في الصلوات ولكنه مستحب لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال إن الحجر يبعث يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به فيشهد بالحق لمن استلمه أو استقبله (قال) ثم خذ عن يمينك على باب البيت فطف سبعة أشواط هكذا رواه جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ على يمينه من باب الكعبة فطاف سبعة أشواط ومقادير العبادة تعرف بالتوقيف لا بالرأي (قال) يرمل في الثلاثة الأول في كل شوط منها من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود فالحاصل ان كل طواف بعده سعى فالرمل في الثلاثة الأول منها سنة وكل طواف ليس بعدة سعى فلا رمل فيه والرمل هو الاضطباع وهز الكتفين وهو ان يدخل أحد جانبي ردائه تحت إبطه ويلقيه على المنكب الاخر ويهز الكتفين في مشيه كالمبارز الذي يتبختر بين الصفين وكان ابن عباس رضي الله عنه يقول لا رمل في الطواف وإنما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم إظهار للجلادة للمشركين على ما روى أن في عمرة القضاء لما أخلوا له البيت ثلاثة أيام وصعدوا الجبل طاف رسول الله عليه وسلم مع أصحابه فسمع بعض المشركين يقول لبعض أضناهم حمى يثرب فاضطبع رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه فرمل فقال لأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين رحم الله امرأ أرى من نفسه قوة وجلدا فإذا كان ذلك لاظهار الجلادة يومئذ وقد انعدم ذلك المعنى الآن فلا معنى للرمل والمذهب عندنا أن الرمل سنة لحديث جابر وابن عمر رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف يوم النحر في حجة الوداع فرمل في الثلاثة الأول ولم يبق المشركون بمكة عام حجة الوداع. وروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أراد الرمل في طوافه فقال علام أهز كتفي وليس هنا أحد أرائيه ولكنني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله فأفعله اتباعا له وأكثر ما فيه أن سببه ما ذكره ابن عباس رضي الله عنه ولكنه صار سنة بذلك السبب فيبقى بعد زواله كرمى الجمار سببه رمى الخليل صلوات الله عليه الشيطان ثم بقي بعد زوال ذلك السبب والرمل من
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست