هذا ان ثبوت حرمة المصاهرة بطريق النعمة والكرامة فان الله تعالى من به على عباده بقوله تعالى فجعله نسبا وصهرا وهو معقول فان أمهاتها وبناتها يصرن كأمهاته وبناته حتى يخلو بهن ويسافر بهن وهذا يكون بطريق الكرامة والزنا المحض سبب لايجاب العقوبة فلا يصلح سببا لا يجاب الحرمة والكرامة الا ترى أنه لا يثبت به النسب والعدة فكذلك حرمة المصاهرة وحجتنا في ذلك قوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم وقد بينا أن النكاح للوطئ حقيقة فتكون الآية نصا في تحريم موطوءة الأب على الابن فالتقييد بكون الوطئ حلالا زيادة ولا تثبت هذه الزيادة بخبر الواحد ولا بالقياس والدليل عليه أن موطوءة الأب بالملك حرام على الابن بهذه الآية فدل أن المراد بالنكاح الوطئ لا العقد وقد نقل مثل مذهبنا عن ابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وعمران بن حصين رضي الله عنهم بألفاظ مختلفة والمعنى فيه أنه وطئ في محله فيكون موجبا للحرمة كالوطئ بالنكاح وملك اليمين وتفسير الوصف ان الوطئ في هذا المحل محرم لكونه مثبتا لان هذا الفعل حرث والحرث لا يكون الا في محل مثبت وكون المحل مثبتا لا يختلف بالملك وعدم الملك وتأثيره أن ثبوت الحرمة بسبب هذا الوطئ في الملك ليس لعين الملك بل لمعنى البعضية لان الولد الذي يتخلق من الماءين يكون بعضا لكل واحد منهما فتتعدى شبهة البعضية إلى أمهاتها وبناتها والى آبائه وأبنائه والشبهة تعمل عمل الحقيقة في ايجاب الحرمة وهذا المعنى لا يختلف بالملك وعدم الملك لان سبب البعضية حسي وإنما تكون هذه البعضية موجبة حرمة الموطوءة لان البعضية الحكمية عملها كعمل حقيقة البعضية وحقيقة البعضية توجب الحرمة في غير موضع الضرورة فاما في موضع الضرورة لا توجب ألا ترى أن حواء عليها السلام خلقت من آدم عليه السلام فكانت بعضه حقيقة وهي حلال له فكذلك شبهة البعضية إنما توجب الحرمة في غير موضع الضرورة وفي حق الموطوأة ضرورة وهذا لان العلل الشرعية امارات لا موجبات فلهذا ثبت الحكم بها في الموضع الذي جعلها الشرع علة وقد جعل الشرع موضع الضرورة مستثنى من الحرمة بقوله تعالى الا ما اضطررتم إليه فاما النسب فعندنا أحكام النسب تثبت ولكن الانتساب لا يثبت لأنه لمقصود الشرب به ولا يحصل ذلك بالنسبة إلى الزاني والعدة إنما لا تجب لان وجوبها في الأصل باعتبار حق النكاح أو الفراش وبين النكاح والسفاح منافاة فبانعدام الفراش ينعدم السبب الموجب للعدة وبعض
(٢٠٥)