المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٢٠١
ثم تزوج زينب بعد ما طلقها زيد فطعن المشركون وقالوا إنه تزوج حليلة ابنه وفيه نزل قوله تعالى ما كان محمد أبا أحد من رجالكم فهذا التقييد هنا لدفع طعن المشركين وكما تحرم حليلة الابن فذلك حليلة ابن الابن وان سفل لان اسم الابن يتناوله مجازا فان قيل ابن الابن لا يكون من صلبه فكيف يصح تعدية هذا التحريم إليه مع هذا التقييد قلنا مثل هذا اللفظ يذكر باعتبار ان الأصل من صلبه كقوله تعالى هو الذي خلقكم من تراب والمخلوق من التراب هو الأصل وكذلك منكوحة الأب حرام على الابن دخل بها الأب أو لم يدخل لقوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم وكما يحرم على الابن يحرم على النوافل من قبل الرجال والنساء جميعا لان اسم الأب يتناول الكل مجازا فاما قوله تعالى وان تجمعوا بين الأختين معناه حرم عليكم أن تجمعوا بين الأختين لأنه معطوف على أول الآية والجمع بين الأختين نكاحا حرام وكذلك الجمع بينهما فراشا حتى لا يجمع بين الأختين وطئا بملك اليمين وهو مذهب على وابن مسعود وعمار بن ياسر رضوان الله عليهم فإنه قال ما حرم الله تعالى من الحرائر شيئا الا وحرم من الإماء مثله الا رجل يجمعهن يريد به الزيادة على الأربع وكان عثمان رضي الله عنه يقول أحلتهما آية وحرمتها آية يريد بآية التحليل قوله تعالى أن ما ملكت أيمانكم وبآية التحريم قوله تعالى وأن تجمعوا بين الأختين فكان يتوقف في ذلك ولكنا نقول عند التعارض يترجح جانب الحرمة ويتأيد هذا بقوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجمع ماءه في رحم أختين ولان المراد من قوله وأن تجمعوا حرمة الجمع فراشا كما أن قوله تعالى حرمت عليكم أمهاتكم يقتضى حرمة الاستفراش بأي سبب كان والجمع فراشا يحصل بالوطئ بملك اليمين فلهذا يحرم عليه الجمع بينهما فان تزوجهما في عقدة واحدة بطل نكاحهما لأنه لا وجه لتصحيح نكاح إحداهما بغير عينها فان النكاح عقد تمليك فلا يثبت في المجهولة ابتداء ولا بعينها إذ ليست إحداهما بأولى من الأخرى ولا يمكن تصحيح نكاحهما لان الجمع محرم بالنص فتعين البطلان وان نكح إحداهما قبل الأخرى فنكاح الأولى جائز لان بهذا العقد لا يصير جامعا ونكاح الثانية فاسد لان بهذا العقد يصير جامعا بين الأختين فتعين فيه جهة البطلان فيفرق بينهما فإن لم يكن دخل بها فلا شئ لها عليه وإن كان قد دخل بها فعليها العدة ولها الأقل من المسمى ومن مهر المثل لان الدخول حصل بشبهة صورة النكاح فيسقط به الحد ويجب المهر والعدة كما إذا زفت إليه غير امرأته
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست