لا تبرز إلى زوج أمها قبل الدخول بالأم واختلفت الصحابة رضي الله عنهم ان الحجر هل ينتصب شرطا لهذه الحرمة أولا فكان علي رضي الله عنه يقول الحجر شرط لقوله تعالى وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ولما روى أنه عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت أم سلمة رضي الله عنهما فقال لو لم تكن ربيبتي في حجري ما كانت تحل لي أرضعتني وأباها ثويبة فاما عمر وابن مسعود رضي الله عنهما كانا يقولان الحجر ليس بشرط وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله تعالى للحديث الذي رويناه وتفسير الحجر وهو أن النبت إذا زفت مع الأم إلى بيت زوج الأم فهذه كانت في حجره وإذا كانت مع أبيها لم تكن في حجر زوج الأم وإنما ذكر الحجر في الآية على وجه العادة فان بنت المرأة تكون في حجر زوج أمها لا على وجه الشرط مثل قوله تعالى فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا مذكور علي وجه العادة لا على وجه الشرط الا ترى أنه قال فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم شرط للحل عدم الدخول فذلك دليل على أنه بعد ما دخل بالأم لا تحل له البنت قط سواء كانت في حجره أو لم تكن ولا يحل له ان يجمع بين الأم والبنت وإن لم يكن دخل بالأم لان القرابة التي بينهما أقوى من القرابة التي بين المرأة وعمتها وقد بينا ان هناك لا يجوز الجمع بينهما نكاحا فهنا أولى فاما إذا طلق الأم قبل أن يدخل بها أو ماتت يحل له ان يتزوج البنت وكان زيد رحمه الله تعالى يفرق بين الطلاق والموت فيقول بالموت ينتهى النكاح حتى يتقرر به كمال المهر فنزل ذلك منزلة الدخول ولكنا نقول هذه الحرمة تعلقت شرعا بشرط الدخول فلو أقمنا الموت مقامه كان ذلك بالرأي وكما لا يجوز نصب شرط بالرأي لا يجوز إقامة شرط مقام شرط بالرأي فاما حليلة الابن علي الأب حرام سواء دخل الابن بها أو لم يدخل لقوله تعالى وحلائل أبنائكم سميت حليلة لأنها تحل للابن من الحل أو هو مشتق من الحلول على معنى انها تحل على فراشه وهو يحل في فراشها وكما تحرم حليلة الابن نسبا فكذلك حليلة الابن من الرضاع عندنا وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا تحرم حليلة الابن من الرضاع بناء على أصله ان لبن الفحل لا يحرم واستدل بالتقييد المذكور هنا بقوله من أصلابكم ولكنا نستدل بقوله صلى الله عليه وسلم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب والمراد بقوله تعالى من أصلابكم بيان إباحة حليلة الابن من التبني فان التبني انتسخ بقوله تعالى أدعوهم لآبائهم وكان النبي صلى الله عليه وسلم تبنى زيد بن حارثة
(٢٠٠)