المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٥
بالناس الظهر والعصر بأذان وإقامتين وكتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر رضي الله عنه في شئ من أمر المناسك فلما زالت الشمس أتى ابن عمر رضي الله عنه سرادقه فقال أين هذا فخرج الحجاج فقال إن أردت السنة فالساعة فقال انتظرني حتى اغتسل فانتظره فاغتسل وراح إلى المصلى والاغتسال في هذا الوقت بعرفات سنة فان اكتفي بالوضوء أجزأه وان اغتسل فهو أفضل كما عند الاحرام وكما في العيدين والجمعة ثم يخطب قبل الصلاة خطبتين بينهما جلسة كما في الجمعة والعيدين هكذا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لان المقصود تعليم الناس المناسك والجمع بين الصلاتين من المناسك فيقدم الخطبة عليه لتعليم الناس ولأنهم بعد الفراغ من الصلاة يتفرقون في الموقف ولا يجتمعون لاستماع الخطبة وفى ظاهر المذهب إذا صعد الامام المنبر فجلس أذن المؤذن كما في الجمعة وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يؤذن قبل خروج الامام لان هذا الأذان لأداء الظهر كما في سائر الأيام وهذا قوله الأول فإذا فرغ من الخطبة أقام المؤذن وصلى الامام بالناس الظهر ركعتين إذا كان مسافرا ثم يقوم المؤذن فيقوم ثانية فيصلى بهم العصر من غير أن يتنفل بين الصلاتين هكذا رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه في صفة نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لان تقديم العصر على وقته ليتوصل إلى الوقوف المقصود ولئلا ينقطع وقوفه فلأن لا يشتغل بالنافلة بين الصلاتين ليحصل هذا المقصود أولى وإنما يعيد الإقامة للعصر لأنه معجل على وقته المعهود فيعيد الإقامة له اعلاما للناس وان اشتغل بالتطوع بين الصلاتين أعاد الأذان للعصر الا في رواية ابن سماعة عن محمد رحمهما الله تعالى أنه قال ما دام في وقت الظهر لا يعيد الأذان للعصر فأما في ظاهر الرواية فاشتغاله بالنفل أو بعمل آخر يقطع فور الأذان الأول فيعيد الأذان للعصر (قال) وإن لم يدرك الجمع مع الامام وأراد أن يصلى وحده صلى كل صلاة لوقتها في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعلى قول أبى يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى يجمع بينهما كما يفعل مع الإمام قال في الكتاب بلغنا ذلك عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم وعلل فقال لان العصر إنما قدمت لأجل الوقت ومعنى هذا الكلام أن الجمع بين الصلاتين إنما جاز لحاجته إلى امتداد الوقوف فان الموقف هبوط وصعود لا يمكن تسوية الصفوف فيها فيحتاجون إلى الخروج منها والاجتماع لصلاة العصر فنقطع وقوفهم وامتداد الوقوف إلى غروب الشمس واجب
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست