المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٧٢
الله عنه أنكر على عمرو بن العاص سؤاله بقوله يا صاحب الحوض لا تخبرنا وكذلك ان أنتن من غير أن يكون فيه جيفة لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على بئر رومة فوجد ماءها منتنا فأخذه بفيه ثم مجه في البئر فعاد الماء طيبا ولان تغير اللون قد يكون بوقوع الطاهر كالأوراق وغيرها وتغير الرائحة يكون بطول المكث كما قيل الماء إذا سكن منتنة تحرك نتنه وإذا طال مكثه ظهر خبثه فلا يزول أصل الطهارة بهذا المحتمل فلهذا لا ندع التوضؤ به * قال (وإذا نسي المتوضئ مسح رأسه فأصابه ماء المطر مقدار ثلاثة أصابع فمسح بيده أو لم يمسحه أجزأه عن مسح الرأس) وكذلك الجنب إذا وقف في المطر الشديد حتى غسله وقد أنقى فرجه وتمضمض واستنشق وكذلك المحدث إذا جرى الماء على أعضاء وضوئه لأن الماء مطهر بنفسه قال الله تعالى وأنزلنا من السماء ماء طهورا والطهور الطاهر في نفسه المطهر لغيره فلا يتوقف حصول التطهر به على فعل يكون منه كالنار فإنه لا يتوقف حصول الاحتراق بها على فعل يكون من العبد وإذا ثبت هذا في المغسول ثبت على الممسوح بطريق الأولى لأنه دون المغسول والمعتبر فيه إصابة البلة وعلى هذا الأصل قلنا بجواز الوضوء والغسل من الجنابة بدون النية (وقال) الشافعي رحمه الله لا يجوز الا بالنية لقوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ولأنها طهارة هي عبادة فلا تتأدى بدون النية كالتيمم وهذا لان معنى العبادة لا يتحقق الا بقصد وعزيمة من العبد بخلاف غسل النجاسة فان ليس بعبادة (ولنا) آية الوضوء ففيها تنصيص على الغسل والمسح وذلك يتحقق بدون النية فاشتراط النية يكون زيادة على النص إذ ليس في اللفظ المنصوص ما يدل على النية والزيادة لا تثبت بخير الواحد ولا بالقياس بخلاف التيمم فإنه عبارة عن القصد لغة قال الله تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ففي اللفظ ما يدل على اشتراط النية فيه ولأنها طهارة بالماء فكانت كغسل النجاسة وتأثير ما قلنا إن الماء مطهر في نفسه والحدث الحكمي دون النجاسة العينية فإذا عمل الماء في إزالة النجاسة العينية بدون النية ففي إزالة الحدث الحكمي أولى ونحن نسلم ان الوضوء بغير نية لا يكون عبادة ولكن معنى العبادة فيها تبع غير مقصود إنما المقصود إزالة الحدث وزوال الحدث يحصل باستعمال الماء فوجد شرط جواز الصلاة وهو القيام إليها طاهرا بين يدي الله تعالى فيجوز كما لو لم يكن محدثا في الابتداء وبه نجيب عن استدلاله بالحديث فان المراد أن ثواب العمل بحسب النية وبه نقول وعن التيمم فان التراب غير مزيل
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست