قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى ينتقض وضوءه بقليله وكثيره وقال محمد رحمه الله تعالى لا ينتقض وضوءه حتى يملأ الفم لأنه أحد أنواع القئ فيعتبر بسائر الأنواع واحتجا بأن المعدة ليس بموضع الدم فخروج الدم من فرجه في الجوف فإذا سال بقوة نفسه إلى موضع يلحقه حكم التطهير كان ناقضا للوضوء كالسائل من جرح في الظاهر (وروى) الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه قال هذا إذا قاء دما رقيقا فإن كان شبه العلق لم ينتقض الوضوء حتى يملأ الفم لأنه ليس بدم في الحقيقة إنما هو سوداء محترق * قال (وان خرج من جرحه دم أو صديد أو قيح فسال عن رأس الجرح نقض الوضوء عندنا) وهو قول على وابن مسعود رضى الله تعالى عنهما وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا ينتقض الوضوء وهو قول ابن عباس وأبي هريرة رضى الله تعالى عنهما واحتج الشافعي رضى الله تعالى عنه بقوله صلى الله عليه وسلم لا وضوء الا من حدث قيل وما الحدث قال صوت أو ريح وهذا إشارة إلى موضع الحدث لا عينيه فدل أن الحدث ما يكون من السبيل المعتاد والمعنى فيه أن قليل الخارج من غير السبيل ليس بحدث بالاتفاق وما يكون حدثا فالقليل منه والكثير سواء كالخارج من السبيل والدليل عليه الريح إذا خرج من الجرح لم يكن حدثا بخلاف ما إذا خرج من السبيل وهذا لان الشرع أقام المخرج مقام الخارج في ثبوت حكم الحدث فما لا يخرج منه الا النجاسة جعل الخارج منه حدثا ونجسا وما يختلف الخارج منه لم يكن حدثا وان خرج منه ما هو نجس تيسيرا للامر (ولنا) حديث زيد بن علي رضى الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الوضوء من كل دم سائل وقال سلمان رضى الله تعالى عنه مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم والدم يسيل من أنفى فقال أحدث لما حدث بك وضوءا والمعنى فيه أنه خارج نجس وصل إلى موضع يلحقه حكم التطهير فكان حدثا كالخارج من السبيل وهذا لان الحكم للخارج دون المخرج حتى يختلف الواجب باختلاف الخارج فخروج المنى يوجب الغسل وخروج المذي يوجب الوضوء والمخرج واحد وهو بخلاف القليل الذي لم يسل لأنه ما صار خارجا إنما تقشر عنه الجلد فظهر ما هو في موضعه والشئ في موضعه لا يعطى له حكم النجاسة وفى السبيل وان قل ما ظهر فقد فارق مكانه وكذلك الريح إذا خرج من السبيل ومعه قليل شئ وذلك كاف في انتقاض الطهارة بخلاف الخارج من غير السبيل. يقرر ما قلنا أنه وجب عليه غسل ذلك الموضع لمعنى من
(٧٦)