المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٣٥
بتوارث أهل الحرمين ولما روي أن بلالا كان يؤذن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فدل أنه لا بأس به ولان وقت الفجر مشتبه وفي مراعاته بعض الحرج ولكن أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله قاسا الأذان للفجر بالأذان لسائر الصلوات بالمعنى الذي بينا وفى الأذان للفجر قبل الوقت اضرارا بالناس لأنه وقت نومهم فيلتبس عليهم وذلك مكروه وقد روى أن الحسن البصري رحمه الله تعالى كان إذا سمع من يؤذن قبل طلوع الفجر قال علوج فراح لا يصلون الا في الوقت لو أدركهم عمر لأدبهم فأما أذان بلال فقد أنكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان بالليل وأمره أن ينادى على نفسه ألا أن العبد قد زام فكان يبكى ويطوف حول المدينة ويقول ليت بلالا لم تلده أمه وابتل من نضح دم جبينه وإنما قال ذلك لكثرة معاتبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه وقيل إن أذان بلال ما كان لصلاة الفجر ولكن كان لينام القائم ويقوم النائم فقد كانت الصحابة فرقتين فرقة يتهجدون في النصف الأول من الليل وفرقة في النصف الآخر وكان الفاصل أذان بلال. وإنما كان صلاة الفجر بأذان ابن أم مكتوم كما قال صلى الله عليه وسلم لا يغرنكم أذان بلال فإنه يؤذن ليرجع قائمكم ويتسحر صائمكم ويقوم نائمكم فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم وكان هو أعمى لا يؤذن حتى يسمع الناس يقولون أصبحت أصبحت * قال (وإذا دخل القوم مسجدا قد صلى فيه أهله كرهت لهم أن يصلوا جماعة باذان وإقامة ولكنهم يصلون وحدانا بغير أذان ولا إقامة) لحديث الحسن قال كانت الصحابة إذا فاتتهم الجماعة فمنهم من اتبع الجماعات ومنهم من صلى في مسجده بغير أذان ولا إقامة وفى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليصلح بين الأنصار فاستخلف عبد الرحمن بن عوف فرجع بعد ما صلى فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته وجمع أهله فصلى بهم بأذان وإقامة فلو كان يجوز إعادة الجماعة في المسجد لما ترك الصلاة في المسجد والصلاة فيه أفضل وهذا عندنا وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه لا بأس بتكرار الجماعة في مسجد واحد لان جميع الناس في المسجد سواء وإنما بنى لإقامة الصلاة بالجماعة وهو قياس المساجد على قوارع الطرق فإنه لا بأس بتكرار الجماعة فيها (ولنا) أنا أمرنا بتكثير الجماعة وفى تكرار الجماعة في مسجد واحد تقليلها لان الناس إذا عرفوا أنهم تفوتهم الجماعة يعجلون للحضور فتكثر الجماعة وإذا علموا أنه لا تفوتهم يؤخرون فيؤدى إلى تقليل الجماعات وبهذا فارق المسجد الذي على قارعة
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست