البلوى والشاذ هي مسألة لا تكون حجة * قال (ويجعل أصبعيه في أذنيه عند أذانه) لقوله صلى الله عليه وسلم لبلال إذا أذنت فاجعل إصبعيك في أذنيك فإنه أندى لصوتك وقال أبو جحيفة رأيت بلالا يؤذن في صومعته يتبع فاه هاهنا وهاهنا وأصبعاه في أذنيه وإن لم يفعل لم يضره لان المقصود وهو الاعلام حاصل * قال (وان استدار في صومعته لم يضره) لأنه ربما لا يحصل المقصود بتحويل الوجه يمينا وشمالا بدون الاستدارة لتباعد جوانب المحلة فالاستدارة للمبالغة في الاعلام * قال (ولا يثوب في شئ من الصلاة الا في الفجر) وكان التثويب الأول في الفجر بعد الأذان الصلاة خير من النوم مرتين فأحدث الناس هذا التثويب وهو حسن * أما معني التثويب لغة فالرجوع ومنه سمي الثواب لان منفعة عمله تعود إليه ويقال ثاب إلى المريض نفسه إذا برأ فهو عود إلى الاعلام بعد الاعلام الأول بدليل ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله حصاص كحصاص (1) الحمار فإذا فرغ رجع فإذا ثوب أدبر فإذا فرغ رجع فإذا أقام أدبر فإذا فرغ رجع وجعل يوسوس إلى المصلى انه كم صلى. فهذا دليل على أن التثويب بعد الأذان وكان التثويب الأول الصلاة خير من النوم لما روى أن بلالا رضى الله تعالى عنه أذن لصلاة الفجر ثم جاء إلى باب حجرة عائشة رضى الله تعالى عنها فقال الصلاة يا رسول الله فقالت عائشة رضى الله تعالى عنها الرسول نائم فقال بلال الصلاة خير من النوم فلما انتبه أخبرته عائشة رضى الله تعالى عنها بذلك فاستحسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوله) فأحدث الناس هذا التثويب إشارة إلى تثويب أهل الكوفة فإنهم ألحقوا الصلاة خير من النوم بالأذان وجعلوا التثويب بين الأذان والإقامة حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين * قال (والتثويب في كل بلدة ما يتعارفونه اما بالتنحنح أو بقوله الصلاة الصلاة أو بقوله قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة) لأنه للمبالغة في الاعلام فإنما يحصل ذلك بما يتعارفونه * قال (ولا تثويب الا في صلاة الفجر) لما روى أن عليا رضى الله تعالى عنه رأى مؤذنا يثوب في العشاء فقال أخرجوا هذا المبتدع من المسجد ولحديث مجاهد رضى الله تعالى عنه قال دخلت مع ابن عمر رضى الله تعالى عنهما مسجدا نصلي فيه الظهر فسمع المؤذن يثوب فغضب وقال قم حتى نخرج من عند
(١٣٠)