المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٠٤
ثم سافر جاز له عندنا أن يمسح كمال ثلاثة أيام ولياليها وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يمسح الا يوما وليلة قال لان المدة انعقدت وهو مقيم فلا يمسح أكثر من يوم وليلة والشروع في مدة المسح كالشروع في الصلاة ومن افتتح الصلاة في السفينة وهو مقيم ثم صار مسافرا لم يجز له أن يتم صلاة السفر وإنما يتم صلاة المقيمين (ولنا) أن المسح جاز له وهو مسافر فله أن يمسح كمال مدة السفر كما لو سافر قبل الحدث وفعل الصلاة. دليلنا أنه بالحدث صار شارعا في وقت المسح فوزانه أن لو دخل وقت الصلاة وهو مقيم ثم صار مسافرا فهناك يصلى صلاة المسافرين * قال (وإذا قدم المسافر مصره بعد ما مسح يوما وليلة أو أكثر من ذلك فعليه نزع الخفين) لأنه صار مقيما والمقيم لا يمسح أكثر من يوم وليلة إلا أنه إذا كان قدومه بعد ما مسح يومين نزع خفيه ولم يعد شيئا من الصلاة لأنه حين مسح كان مسافرا * قال (وإذا توضأ ومسح على الجبائر ولبس خفيه ثم أحدث فله أن يمسح على الخفين ما لم يبرأ جرحه) لان المسح على الجبائر كالغسل لما تحته ما دامت العلة قائمة وقد بينا هذا فيما مضى فكان اللبس حاصلا على طهارة تامة ما بقيت العلة فله أن يمسح على الخفين فان برئ جرحه فعليه أن ينزع خفيه لان المسح على الجبائر طهارة تامة ما بقيت العلة واللبس بعد البرء غير حاصل على طهارة تامة فلم يكن له أن يمسح وإن لم يحدث بعد لبس الخف حتى برئ جرحه فإن لم يحدث حتى غسل ذلك الموضع جاز له أن يمسح على الخفين لان أول الحدث بعد اللبس طرأ على طهارة تامة وان أحدث قبل غسل ذلك الموضع لم يجز له أن يمسح على الخف لان أول الحدث بعد اللبس طرأ على طهارة ناقصة * قال (وللماسح على الخفين أن يؤم الغاسلين) لأنه صاحب بدل صحيح وحكم البدل حكم الأصل ولان المسح على الخف جعل كالغسل لما تحته في المدة بدليل جواز الاكتفاء به مع القدرة على الأصل وهو غسل الرجلين فكان الماسح في حكم الإمامة كالغاسل * قال (وإذا أراد أن يبول فلبس خفيه ثم بال فله أن يمسح على خفيه) لان لبسهما حصل على طهارة تامة ولما سئل أبو حنيفة رحمه الله عن هذا فقال لا يفعله الا فقيه فقد استدل بفعله على فقهه لأنه تطرق به إلى رخصة شرعية * قال (وإذا بدا للماسح أن يخلع خفيه فنزع القدم من الخف غير أنه في الساق بعد فقد انتقض مسحه) لان موضع المسح فارق مكانه فكأنه ظهر رجله وهذا لان ساق الخف غير معتبر حتى لو لبس خفا لا ساق له جاز له المسح إذا كان الكعب مستورا فيكون الرجل في ساق الخف
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست