أحدهم بعد أن أبيا من الاصلاح ومن إذنهما له فيه وقبل القضاء بالعمارة أو البيع فالمشهور أن الغلة الحاصلة لهم بالسوية بعد أن يستوفي منها ما أنفقه عليها في عمارتها إلا أن يعطوه نفقة فلا غلة له.
ومقابل المشهور ما روي عن ابن القاسم أن الغلة كلها لمن عمر وعليه لمن شاركه حصته من كرائها خرابا على تقدير أن لو أكريت لمن يعمرها، واستشكل الأول بأن استيفاءه ما أنفقه من الغلة فيه ضرر عليه لأنه دفع جملة وأخذ مفرقا وأجيب بأنه هو الذي أدخل نفسه في ذلك إذ لو شاء لرفعهما للحاكم فيجبرهما على الاصلاح أو البيع ممن يصلح. قوله: (قبل القضاء بالعمارة) أشار بهذا إلى أن هذه المسألة من أفراد وقضى على شريك الخ لكن ما مر بيان للحكم ابتداء وما هنا في عمارته إذ أبيا قبل رفعهما للقاضي فلا منافاة لاختلاف الجهة. قوله: (ومن إذنهما له في العمارة) أي سواء كانت إبايتهم من الاذن له من حين طلبت منهما العمارة إلى آخرها أو سكتا حين الاستئذان ثم أبيا حال العمارة أو عكسه بأن أبيا حين الاستئذان وسكتا حين العمارة. قوله: (أو سكتا حين العمارة عالمين بها) أي سواء كان استأذنهما أم لا.
واعلم أن فروع هذه المسألة سبعة: الأول: ما إذا استأذنهما في العمارة وأبيا واستمرا على المنع إلى تمام العمارة والحكم أنه يرجع بما عمر في الغلة. والثاني: أن يستأذنهما فيسكتا ثم يأبيا حال العمارة. والثالث:
عكسه وهو أن يستأذنهما فيأبيا ويسكتا عند رؤيتهما للعمارة والحكم في هذين أنه يرجع بما عمر به في الغلة كالأول. والرابع: أن يعمر قبل علم أصحابه ولم يطلعوا على العمارة إلا بعد تمامها سواء رضوا بما فعل أولا والحكم في هذه أنه يرجع بما أنفقه في ذمتهم لقيامه عنهما بما لا بد لهما منه، والخامس: أن يعمر بإذنهم ولم يحصل منهم ما ينافي الاذن لانقضاء العمارة وحكمها كالتي قبلها، والسادس: أن يسكتوا حين العمارة عالمين بها سواء استأذنهم أم لا وحكمها كالتي قبلها، والسابع: يأذنوا له في العمارة ثم يمنعاه بعد ذلك فإن كان المنع قبل شراء المؤن التي يعمر بها ثم عمر فإنه يرجع في الغلة وإن كان المنع بعد شراء المؤن رجع عليهم في ذمتهم ولا عبرة بمنعهما له. قوله: (وقضى على جار بالاذن) أي أنه يقضي على الجار أن يأذن لجاره في أن يدخل الاجراء والبنائين من داره لأجل إصلاح جداره الكائن من جهته ارتكابا لأخف الضررين وهما دخول دار الجار وضرورة الاصلاح ودخول دار الجار أخف. ويؤخذ من هذا أن منزل كنيف الجار إذ كان في دار جاره فإنه يقضي على الجار في أن يأذن لجاره بإدخال العملة في داره لأجل نزحه، وأشعر قول المصنف لاصلاح جدار أنه لا يقضي على الجار بالاذن في الدخول لتفقد الجدار وهو ظاهر كلام ابن فتوح وأشعر أيضا أنه أراد تطيين أو تبييض حائطه من جهة جاره فله منعه حيث لا يترتب على ذلك إصلاح جداره كما أنا للجار منعه من إدخال جص وطين في داره ويفتح له كوة في حائطه لاخذ ذلك إذ ربما كدر عليه داره بل قالوا إذا أذن الجار لجاره في إدخاله العملة في داره لأجل إصلاح جداره وتضرر من دخول الجار مع العملة كان له ويصف ما يريد عمله للعملة وهم يعملون. قوله: (أي من حيث العرض) أشار إلى أن عرضنا تمييز محول عن نائب الفاعل أي لا يقسم عرضه ملتبسا بطوله. قوله: (من الجانب عليه يليه) الصواب إسقاطه لان الفرض أن القسم بالقرعة فتارة يأتيه بها ما يليه وتارة ما يلي صاحبه ولو أريد قسمه بالتراضي لجاز القسم على ما تراضوا عليه من الطول أو العرض كما في ابن غازي و ح ا ه بن. وفي شب أن محل جواز تراضيهما على قسمه عرضا إذا تراضوا على أن كل واحد يأخذ نصيبه من جهته، وأما على أن كل واحد يأخذ نصيبه من جهة صاحبه فيمنع لان قسمة المراضاة بيع وشرط البيع الانتفاع بالمبيع فتحصل أن الجدار يقضي بقسمته بالقرعة طولا لا عرضا ويجوز قسمته بالتراضي طولا وعرضا إذا ترضوا على أن كل واحد يأخذ نصيبه من جهته وإلا منع ومحل القضاء