ووطئها أو طلقها قبل البناء واحدة ثم وطئها بغير تزويج أو أعتق أمة ثم وطئها فإنه يحد. قال في التوضيح: قوله: أو طلق امرأته ثلاثا ظاهره سواء كان بلفظ الثلاث أو البتة، وسواء كان الثلاث مجتمعات أو متفرقات وهو ظاهر المدونة. وقال أصبغ في البتة: لا يحد عالما كان أو جاهلا لقوة الخلاف في البتة هل هي واحدة أم لا. وقال في المطلقة ثلاثا مثل ما في المدونة إلا أنه قال في الجاهل لا يحد استحسانا. وتأول صاحب تهذيب الطالب وقوله في الثلاث على أنها مفترقات قال: وأما إن كانت في لفظ واحد فلا حد عالما كان أو جاهلا للاختلاف فيها.
وقال غيره: إن هذا التأويل على أصبغ ظاهر المدونة خلافه، وأنه لا فرق في الثلاث بين أن تكون مفترقات أو مجتمعات لضعف قول من قال بإلزامه الواحدة في الثلاث. وهذه المسائل كلها مقيدة بما إذا كان عالما بالتحريم، وأما الجاهل بالحكم فلا كما سيأتي من كلام المصنف.
اه كلام التوضيح. وتحصل منه أنه إذا طلقها ثلاثا مفترقات ثم وطئها دون عقد وعقد عليها قبل زوج ووطئها فإنه يحد، وأما إن كانت التطليقات مجتمعات في كلمة واحدة فتأويل عبد الحق على قول أصبغ أنه لا يحد، وأن قوله مثل ما في المدونة مراعاة لقول من يقول إنها واحدة إذا كانت في كلمة فتكون كالمطلقة الواحدة الرجعية فلا يحد كما لو طلق الرجل طلقة رجعية ثم وطئها في العدة فإنه لا يحد، وهو أحد التأويلين اللذين أشار إليهما المؤلف. وتأويل غيره أنه يحد وهو ظاهر المدونة كما سيأتي، فكان ينبغي للمؤلف أن يقتصر عليه. هذا إذا تلفظ بالثلاث، وأما إن تلفظ بالبتة فظاهر المدونة لزوم الحد كما تقدم. وقال أصبغ: لا يحد ووجهه ما تقدم في توجيه الثلاث في كلمة واحدة. قال في أوائل كتاب القذف من المدونة: ومن تزوج خامسة أو امرأة طلقها ثلاثا أو البتة قبل أن تنكح زوجا غيره أو أخته من الرضاع أو النسب أو من ذوات محارمه عامدا عارفا بالتحريم. أقيم عليه الحد ولم يلحق به الولد إذ لا يجتمع الحد وثبوت النسب انتهى. ثم قال بعده: ومن طلق امرأته قبل البناء طلقة واحدة ثم وطئها بعد الطلقة وقال ظننت أنه يبتها منه إلا الثلاث، فلها صداق واحد ولا حد عليه إذا عذر بجهل، ولو طلقها بعد البناء ثلاثا ثم وطئها في العدة وقال ظننت ذلك يحل لي، فإن عذر بالجهالة لم يحد، وكذلك من تزوج خامسة أو أخته من الرضاعة وعذر بالجهالة في التحريم لم يحد انتهى.
تنبيهات: الأول: علم من هذا أن قول المصنف في النكاح: أو مبتوتة قبل زوج إنما تكلم فيه على تأبيد التحريم وعدمه فذكر أنه لا يتأبد تحريمها، وأما الحد وعدمه فلم يتعرض له فيفصل فيه بين العالم والجاهل.
الثاني: قوله في المدونة: البتة بعد الثلاث زائد قاله أبو الحسن.
الثالث: تقدم في باب الاستلحاق المسائل التي يجتمع فيها الحد ولحوق الولد والله أعلم